- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
شركات وكيلة في الإمارات والصين وسنغافورة وتركيا ساعدت إيران على تجنّب العقوبات
شركات وكيلة في الإمارات والصين وسنغافورة وتركيا ساعدت إيران على تجنّب العقوبات
- 23 يونيو 2022, 3:48:05 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعدّه إيان تالي، أشار فيه للجهود الإيرانية التي اعتمدت فيها على النظام المصرفي الدولي لكي تحافظ على اقتصادها طافيا.
قال التقرير إن المؤسسات المالية الدولية تقوم بالتعامل مع معاملات الشركات الإيرانية التي فرضت عليها عقوبات، بشكل ساعد طهران على مقاومة الضغوط الأمريكية.
استند الكاتب على ما قال إنها وثائق شركات وبيانات مصرفية وتصريحات دبلوماسيين غربيين ومسؤولين في الاستخبارات.
وكشفت عن تقديم مصارف صينية وشرق أوسطية وغربية خدمات مالية للشركات النفطية والصناعية في محاولة إيران تحويل دفة رأس المال باتجاه اقتصادها المحاصر، وتحدي الضغوط الأمريكية الهادفة لفرض قيود مشددة على برامجها النووية. وتقوم إيران، عبر الشركات الوكيلة وشركات الصرف المالي الأجنبية والوسطاء، بإدارة حسابات تسمح لها مجموعة بالتعاقد المالي بعشرات المليارات من الدولارات سنويا، وشراء مواد وبضائع تعتبر ممنوعة بحسب العقوبات الأمريكية. وصممت القيادة السياسية الإيرانية ونفذتها، وهي القيادة التي اعترفت منذ عام 2011، بأن الاقتصاد بحاجة إلى نظام مالي لتجنب العقوبات ومواجهة الضغوط الدولية التي تهدف للحدّ من البرنامج النووي الإيراني، وحسب دبلوماسيين ومسؤولين، من بينهم مسؤولون إيرانيون بارزون.
كجزء من “اقتصاد المقاومة”، الآلية التي يشرف عليها “الحرس الثوري”، تم خلق نظام مالي يعمل على استمرار التبادل التجاري الأجنبي مع النظام المالي الدولي، حتى لو تعرّضت القطاعات للعقوبات.
وراجعت صحيفة “وول ستريت جورنال” بيانات مصرفية ووثائق شركات، حيث كشفت أن بنك “أتش أس بي سي بي أل سي” و”ستاندرد تشارتد بي أل س”، اللذين يعدّان أكبر بنكين في العالم، من ناحية الأرصدة، كانا من بين عدة مؤسسات قدمت خدمات للشركات التي قامت بمعاملات بالإنابة عن المصدرين الإيرانيين.
العقوبات فرضت في عهد إدارة دونالد ترامب على إيران، لإجبارها على توقيع اتفاقية نووية وأمنية، من إدارة الحسابات التابعة للشركات الإيرانية. وأي خرق لهذه العقوبات يعني عقوبات جزائية بناء على القانون الأمريكي والقوانين المحلية وتنظيمات مكافحة غسل الأموال الدولية، والتي تعني غرامات مالية بمليارات الدولارات وخسارة المنافذ للأسواق الدولية بالدولار.
وتهدف العقوبات في جزء منها لقطع إيران من احتياطي العملات الدولي الضروري لاستقرار الاقتصاد. ومع ذلك فالعقود التي تمت عبر البنوك الدولية منحت إيران صمام أمان حرج للتخفف من الضغوط المالية الأمريكية. ومنحت إيران، الوقت لكي تتقدم في برنامجها النووي إلى جانب المفاوضات التي تهدف لإحياء الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، والتي وضعت قيودا على النشاطات النووية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة.
وقام الرئيس السابق ترامب بالخروج من الاتفاقية عام 2018، وأعاد فرض العقوبات وإضافة عقوبات أخرى ضمن استراتيجية “أقصى ضغط”. وأبقت إدارة جو بايدن على العقوبات أثناء المفاوضات. وزادت إدارة بايدن، يوم الخميس، من الضغوط على إيران، عندما فرضت عقوبات ضد شركات في الإمارات العربية المتحدة والصين، التي ترى وزارة الخزانة أنها واجهات تجارية لشركة الطاقة العملاقة التي تملكها الدولة الإيرانية. وبحسب الوثائق ومسؤولين غربيين فقد قامت شركات تبادل ماليّ، تسيطر عليها إيران في الخارج، بإنشاء شركات وكيلة وفتح حسابات لها. واستطاعت الشركات الإيرانية التي فرضت عليها عقوبات بيع النفط وبضائع أخرى لمشترين أجانب، عبر هذه الشبكة، والحصول بالمقابل على عملة صعبة باليورو والدولار. وبالمقابل يعتمد المستوردون الإيرانيون على العملة الصعبة هذه لشراء البضائع التي يحتاجها البلد حتى يظل اقتصاده عائما. ويتم تسوية تعاملات العملة بين المصدّرين والمستوردين من خلال غرفة مقاصة إلكترونية داخل المصرف المركزي الإيراني. وتضيف الصحيفة ان الاستخبارات الغربية ليس لديها أدلة عن تواطؤ البنوك والسماح للتعاملات الإيرانية الممنوعة.
ويرى مسؤولون بارزون في مجال الالتزام بالبنوك أن الشركات التي سجلتها إيران سراً في الخارج يمكنها أن تهرب من الضوابط التي يقصد منها العثور على غسل الأموال.
وتشير الصحيفة إلى أن قدرة إيران للتحايل على الحصار الغربي لنظامها المالي يظهر محدودية العقوبات المالية الدولية في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي استخدام اقتصادياتها العملاقة لمعاقبة روسيا على غزو أوكرانيا. وقال وزير النقل الروسي، فيتالي سافيليف، بنهاية آذار/مارس، إن موسكو ترغب بالتعلم من جهود تجنب العقوبات التي قامت بها طهران، ذلك أن العقوبات الغربية أدت إلى نقص في قطع الغيار وأدت لوقف عدد من الطائرات التجارية. وقال “ترشد التجربة الإيرانية روسيا”.
وراجعت صحيفة “وول ستريت جورنال” عقودا مالية لعدد من الشركات الإيرانية الوكيلة لديها 61 حسابا في 28 بنك أجنبي بالصين وهونغ كونغ وسنغافورة وتركيا والإمارات العربية المتحدة، يصل حجمها إلى مئات المليارات من الدولارات. ويشير مسؤولو الاستخبارات الغربيين إلى أدلة لعشرات المليارات من الدولارات المشابهة التي يتم التعامل بها سرا في النظام المالي العالمي.
وحذر المسؤولون الأمريكيون البارزون في الفترة الماضية الإمارات العربية المتحدة وتركيا والصين بضرورة ملاحقة التعاملات المالية الإيرانية السرية، وإلا واجهت غرامات. وقال مسؤول التزام بالضوابط المالية بمصرف كبير “إيران متقدمة في بنى التحايل على العقوبات” و”لديهم التكنولوجيا، المهارات، الناس ورعاية الدولة التي تقف خلف هذا”. وتطور نظام التهرب من العقوبات الإيراني من مجموعة سياسات أعلن عنها في عام 2014، بناء على توجيهات المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، وبهدف حماية الاقتصاد الإيراني ضد حملات الضغط الأجنبية.
وكجزء من “اقتصاد المقاومة” كما أطلق عليه، تم خلق نظام مالي يعمل على استمرار التبادل التجاري الأجنبي مع النظام المالي الدولي حتى لو تعرضت القطاعات هذه للعقوبات. وتقول الصحيفة إن آلية اقتصاد المقاومة يشرف عليها “الحرس الثوري” والبنك المركزي ومؤسسات حكومية أخرى، وذلك حسب مسؤولين إيرانيين بارزين ومواقع الحكومة على الإنترنت والمسؤولين الغربيين. ورفض ممثل إيراني بالمفوضية الدائمة في الأمم المتحدة اتهامات تورط بلاده في عملية غسل الأموال، لكنه قال “عليك أن تتذكر أن إيران لديها كل الحق، وبناء على القانون الدولي، بكسر العقوبات غير القانونية والظالمة ضدها وشعبها”.
زادت إدارة جو بايدن من الضغوط على إيران، عندما فرضت عقوبات ضد شركات في الإمارات العربية المتحدة والصين، حيث ترى وزارة الخزانة أنها واجهات تجارية لشركة الطاقة العملاقة التي تملكها إيران.
وقالت الصحيفة إن بنك “أتش أس بي سي” لديه حساب في هونغ كونغ تابع لشركة اسمها “سكوفيلد أتش كي ليمتد”، والمسجلة في هونغ كونغ عام 2019. وبحسب سجلات الشركة والسجلات المصرفية، اطّلعت عليها الصحيفة، فقد وافقت سكوفيلد عام 2020 على بيع 198 طن متري من البتروكيماويات التي تستخدم في تصنيع البلاستيك إلى مشتر هندي وافق على دفع 170.000 دولار في حساب سكوفيلد بأتش أس بي سي. وفي فاتورة افتراضية راجعتها الصحيفة وصدرت في نفس التاريخ، وتحمل نفس رقم الفاتورة ومعلومات المشتري ورمز المنتج والكمية والسعر المعروض وغير ذلك، كشفت أن البائع هو بيرسيان غالف بيتروكيمكال إندستري كوميرشيال كومباني. ووصفت وزارة الخزانة الأمريكية شركة بيرسيان غالف بيتروكيمكال بأنها أكبر شركة بتروكيماويات إيرانية، وفرضت عليها عقوبات لدعمها المزعوم لمجموعة هندسية تابعة للحرس الثوري. ولعبت سكوفيلد دور الشركة الوكيلة، حسب المسؤولين الغربيين، واحتفظت بحسابات في مصارف أخرى، بما فيها البنك الصناعي التجاري الصيني، ولم يرد هذا البنك على أسئلة الصحيفة.
وفي الوقت نفسه، وحتى كانون الثاني/يناير 2021، احتفظ فرع ستاندرد تشارترد في هونغ كونغ بحسابات باليورو والدولار لشركتين في هونغ كانتا مسؤولتين عن مصالح شركة الناقلات الإيرانية “ناشونال إيرانيان تانكر كو”، وهي شركة تابعة لشركة النفط الوطنية الإيرانية التي تقوم بنقل المنتجات البترولية. وقال المتحدث باسم ستاندرد تشارترد إنه لا يستطيع التعليق على عميل بعينه، لكن البنك ملتزم “بأعلى المعايير من الامتثال”. وقالت متحدثة باسم “أتش أس بي سي” إن البنك “ملتزم بمحاربة الجريمة المالية، ويمتثل بقوانين العقوبات المطالب بتطبيقها”.
ومن البنوك التي تعاملت مع الشركات الإيرانية، البنك التجاري في دبي وبنك أبو ظبي الإسلامي، حسب الوثائق ومسؤولي الاستخبارات الغربيين. وفي بيان من بنك أبو ظبي الإسلامي قال إنه لا يعلق على عملاء بعينهم، لكنه أضاف: “يتعامل بنك أبو ظبي الإسلامي مع مواضيع الامتثال بجدية، ويعمل بدون توقف للالتزام بها، بما في ذلك القيام بعملية فحص دقيقة عند فتح أي حساب”. وأغلق البنك حسابا في عام 2020 شركة يشك أنها تتعامل مع الشركة الوطنية الإيرانية للبتروكيماويات، حسب شخص على معرفة بالأمر. أما بنك دبي التجاري فلم يرد على طلب التعليق.
وتقول الصحيفة إن النظام السري للشركات الوكيلة، التي تقوم بتعاملات تجارية ممنوعة خارج إيران، أعطى طهران القدرة للحفاظ على عمل الاقتصاد. ويتوقع أن تصل قيمة التجارة الدولية لهذا العام إلى 220 مليار دولار، حسب صندوق النقد الدولي، مع أن معظم التبادل محظور ضمن إطار العقوبات. وهو ما دفع المسؤولين الغربيين الحاليين والسابقين للقول إن نظام الامتثال المصرفي يفي في منع الجزء الأكبر من النشاطات الإيرانية. ورغم معالجة بعض البنوك حسابات لعملاء محتملين وتفحص أكثر من مليار تعاقد مالي في الشهر، إلا أن الشركات العمالة نيابة عن إيران تفتح حسابات متعددة بمؤسسات مالية وتحتاج عملية الكشف عنها أو إبلاغ سلطات فرض العقوبات لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى عام.