شطب المسألة الفلسطينية: قصة فشل بطلها نتنياهو

profile
  • clock 20 فبراير 2024, 12:17:54 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بقلم: ألون بنكاس

بنيامين نتنياهو يُعتبر هرتسل الدولة الفلسطينية أو الذي يبشر بها. هو أيضا الشخص الذي ساهم أكثر من أي شخص آخر بسياسته عديمة المسؤولية على تحويل إيران إلى دولة حافة نووية.

ورفض هذه التطورات، القدرة النووية العسكرية لإيران والدولة الفلسطينية، شكل حياة نتنياهو السياسية، وفيهما سجل الفشل الذريع، في الوقت الذي ما زال يقوم فيه بإلقاء الخطابات الفارغة. يقوم بالتخويف والمهاجمة بشدة في السيناريوهين، لكنه يقوم بفعل القليل جدا لمنع تحققهما.

إيران توصلت في فترة قصيرة نسبية إلى حافة القدرة النووية ولديها كمية غير مسبوقة من اليورانيوم المخصب؛ والدولة الفلسطينية أصبحت قضية رئيسة على جدول الأعمال الدولي.

"حتى 7 أكتوبر كان يصعب ملء غرفة في واشنطن لمناقشة الدولة الفلسطينية"، قال لي سيناتور مقرب من الرئيس الأمريكي جو بايدن. "الآن في سياق الشرق الأوسط يتحدثون فقط عن ذلك".

ورغم أنه كان يجب عليه الاستقالة على الفور في منتهى يوم السبت ذاك، أو تحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك والإعلان بأنه ينوي الاستقالة بعد الحرب، للمفارقة الواقع أعطى لنتنياهو طريقا سحرية للتكفير عن أخطائه، والصورة الشخصية التي تبناها بأسلوب لويس الرابع عشر.

وكأن دولة إسرائيل لن تكون بدونه. التكفير سيكون ممكنا إذا وافق على "خطة بايدن" لإقامة الدولة الفلسطينية. ليس بالمعنى الذي رآه وقدسه، بل من خلال المفاوضات وربما حتى حل الكنيست والذهاب إلى الانتخابات.

الولايات المتحدة لا تريد منه أكثر من ذلك، رغم تباكيه المصطنع من العالم الذي يحاول فرض "إملاءات" على إسرائيل. بالطبع هو لن يفعل ذلك. وفي واشنطن لا يعتبرونه حليفا في هذه الخطة.

عمليا، نتنياهو لا يعتبر حليفا للولايات المتحدة في أي مجال. وسعيه إلى مواجهة  الإدارة الأمريكية بصورة مباشرة، تحول من التقدير إلى فرضية عمل.

منذ 7 أكتوبر فإن حب ودعم الرئيس الأمريكي لإسرائيل يتغلب على الاشمئزاز الكبير من نتنياهو، خلافا لبعض الشخصيات القيادية في حاشيته، مثل نائبته كمالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جاك ساليفان.

الحكومة الإسرائيلية نشرت، أمس، بشكل احتفالي قرارا لا معنى له يفيد بأنها ترفض "الإملاءات الدولية" وتعارض أي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.

أولا، لا توجد أي إملاءات دولية، أو أي إملاء أمريكي بشكل خاص. ثانيا، لا يوجد اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية. يتم فحص اعتراف محتمل بدولة مستقبلية، باعتبار ذلك وسيلة للتعبير عن التفضيل السياسي – في نهاية عملية تكون إسرائيل شريكة فيها.

الواقع الاستراتيجي أوسع من الحرب في غزة، وبالتأكيد أوسع من إعلان الحكومة. في القريب، إسرائيل ستضطر إلى حسم واختيار أمر من اثنين.

إما قبول كأساس للمفاوضات "خطة بايدن" التي تتبلور في هذه الأثناء والتي جوهرها هو تغيير تدريجي للديناميكية السياسية في الشرق الأوسط والبنية الهندسية المعمارية الأمنية في المنطقة؛ أو التمسك بـ"خطة نتنياهو" التي تعني بقاءه في الحكم ونفي الواقع الجيوسياسي وإخضاعه لأغراض سياسية وشخصية وتجاهل العلاقة بين الهجوم الإرهابي الدموي في 7 أكتوبر والقضية الفلسطينية، والمسارعة بعيون مفتوحة نحو واقع "الدولة الواحدة" والعزلة الدولية.

خطة المراحل

الخطة الأمريكية التي لا تزال غير مكتملة، تدمج أفكارا أمريكية نبعت من الرد في واشنطن على 7 أكتوبر مع صيغة محدثة لـ"المبادرة السعودية" من العام 2002.

هذه الخطة تشمل عدة بنود رئيسة متدرجة، وكل مرحلة تنبع من نجاح المرحلة السابقة لها.

المرحلة الأولى هي صفقة تبادل مرفقة بوقف لإطلاق النار مدته 45 يوما. الحديث يدور عن شرط أساسي، حتى لو كان على الورق، باسم "هدنة طويلة المدى" أو "وقف مؤقت للقتال".

الرئيس بايدن كان واضحا في أقواله في يوم الجمعة، "مطلوب وقف مؤقت لإطلاق النار من اجل إطلاق سراح المخطوفين... لا أتوقع أن تبدأ إسرائيل بغزو كثيف في رفح في هذه الأثناء، واعتقد أن هذا لن يحدث. الأمل هو أن ننجح في استكمال صفقة المخطوفين".

قطر، السعودية، مصر والأردن، تقوم بالضغط من اجل التوصل إلى صفقة قبل 10 مارس، بداية شهر رمضان.

أيضا تقديرات المخابرات الأمريكية كما جاء في الإحاطات التي قدمت لأعضاء في الكونغرس، تتحدث عن موعد هدف مشابه. استمرار الحرب واقتحام محتمل في رفح يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الدوائر الأبعد من القطاع.

إذا وبحق تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار فإن المرحلة الثانية ستكون النقاش حول غزة: من سيحكمها وبأي شروط وما هي العلاقة السلطوية مع الضفة الغربية.

الولايات المتحدة تفترض أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في مناطق معينة في القطاع، وهي غير مستعدة لمواصلة حكم حماس. ولكنها تعتبر وقف إطلاق النار الطويل الذي يعني إنهاء الحرب فعليا بالصيغة الحالية، هو فرصة لتشكيل قوة متعددة الجنسيات، التي ستحكم غزة، وفي داخلها مركب عربي رئيس توجد فيه السلطة الفلسطينية.

الشعار الفارغ لنتنياهو "لن نسمح لحماستان أن تصبح فتحستان"، لا يترك الانطباع على أي أحد، لا سيما أنه هو الشخص الذي سمح بإقامة حماستان بشكل متعمد.

هذا الشعار يجعل إسرائيل الحلقة الأضعف في الخطة طالما أن نتنياهو هو رئيس الحكومة. الولايات المتحدة، بريطانيا ودول أخرى، ستفحص اعترافا مشروطا بدولة فلسطينية مؤقتة ومستقبلية دون رسم حدودها ودون أي مطالبة جغرافية من إسرائيل في هذه المرحلة.

فكرة أخرى هي القيام بالاعتراف على شكل قرار في مجلس الأمن "يكون خاضعا للمفاوضات بين الطرفين".

المرحلة التالية هي اعتراف السعودية وقطر ودول أخرى بإسرائيل، والإعلان عن خطة لتطبيع العلاقات معها.

البيت الأبيض لا يستبعد بيانا وصورة مشتركة تمثل هذه القفزة. عمليا، هذه الخطة توجد في مبادرة السلام التي نشرها ولي عهد السعودية السابق، عبد الله بن عبد العزيز، في العام 2002.

الأمريكيون اقتنعوا مؤخرا أنه من اجل تخفيف استخدام مفهوم "الدولتين" أو "دولة فلسطينية" وتقييده بـ"دولة مستقبلية منزوعة السلاح" من خلال الاعتراف بأن المزاج في إسرائيل منذ 7 أكتوبر مليء بالتخوفات والمعارضة الطبيعية. الأمريكيون على قناعة بأنه في  الوقت نفسه يتطور في أوساط الجمهور الإسرائيلي الإدراك بأن الوضع القائم مع الفلسطينيين خطير بدرجة لا تقل عن ذلك.

بالنسبة للأمريكيين كان لـ 7 أكتوبر تداعيات تأسيسية على الشرق الأوسط، التي أوجدت محورين، محور الفوضى والإرهاب الذي يشمل ايران وسورية و"حزب الله" والحوثيين و"حماس" بدعم من روسيا، ومحور الاستقرار والتكامل الذي يشمل الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية ومصر والأردن وقطر.

تحقيق هذا الهدف غير سهل، وهناك ادعاءات ثقيلة الوزن ضد الخطة الأمريكية. فهي خطة طموحة جدا وتوجد فيها أجزاء متحركة وتغيرات كثيرة ولا يوجد تزامن كاف للمصالح؛ عدد من اللاعبين الإقليميين غير موثوقين – من هنا فإن الولايات المتحدة تضع نفسها على مسار الفشل.

ولكن عيب الخطة الأساسي ليس درجة إمكانيتها، بل حقيقة أن نتنياهو ليس شريكا فيها. إضافة إلى ذلك في واشنطن يعترفون بأنه فعليا لا يوجد لهم أي حلفاء في النظام السياسي في إسرائيل، حتى في أحزاب المعارضة، التي تسارع إلى الترديد بصياغة أخرى الرفض الذي يعبر عنه رئيس الحكومة.

المصادر

هآرتس

التعليقات (0)