- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
صبري صيدم يكتب: ومضات: بعد ثلاثة أرباع القرن من النكران… هل نشكرهم؟
صبري صيدم يكتب: ومضات: بعد ثلاثة أرباع القرن من النكران… هل نشكرهم؟
- 17 مايو 2023, 3:53:36 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقدر ما تغمرنا السعادة بأن الأمم المتحدة قد قررت تخصيص يوم الخامس عشر من أيار/مايو لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية في مقرها، متحدية سطوة إسرائيل ومعارضتها وقوانينها، بقدر ما يشعر كل فلسطيني بالإحباط والألم، لأن المؤسسة التي ساهم أعضاؤها ولعقود طويلة في تعطيل تنفيذ قراراتهم التي اتخذوها لإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، قد تذكرت قبل أشهر بسيطة نكبتنا، نحن الفلسطينيين، فقررت إحياء ذكراها بعد ثلاثة أرباع القرن مخصصة يوماً لذلك.
ثلاثة أرباع القرن من النكران وإدارة الظهر، وبيانات الشجب والاستنكار والتعبير عن القلق، ثلاثة أرباع القرن من التصريحات والعنتريات والإدانة بأشد العبارات، ثلاثة أرباع القرن من مواربة الحقيقة ومكافأة الظلم ومداهنة الاحتلال، ثلاثة أرباع القرن من ممارسة إسرائيل القتل والاستهتار والتجاهل والتعالي والإذلال.
الحقوق لا تسقط بالتقادم، وموازين القوى لا تبقى على حالها، ففي السياسة لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم، وإنما مصالح، منها الدائم ومنها المتغير
خمسة وسبعون عاماً تخللتها نكبة ونكسة وما في حكمهما من مآسٍ وآلامٍ وكوارث، تقطعت أوصال الجغرافيا، وتفرقت الأسر، وضاعت أحلامها وأرزاقها وطموحاتها، مات البعض ذبحاً، والبعض الآخر قهراً، والبعض سحقاً على عتبات محطات توزيع المؤن. خمسة وسبعون عاماً لم تبق وسيلة تعذيب وتشريد وتنكيل وترحيل وتجهيل وتقتيل، إلا واستخدمها الاحتلال حتى عاش البعض عدة هجرات في مسيرة حياته الأليمة، خمسة وسبعون عاماً ولم يبق من تقنيات الإذلال والعنصرية والمراقبة والقمع والتجسس والمتابعة والتنصت والرصد، إلا واستخدمت، بحق شعب لو شاءت الظروف أن يعوض لما كفاه مال العالم كله. خمسة وسبعون عاماً وبقي الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم مما ذكر آنفاً، عزيزاً أصيلاً متفائلاً مقداماً مثابراً، صان هويته وكرامته، وقاوم محتليه، رغم طعنه في الظهر من بعض إخوته زعماء العروبة مرات ومرات، شعبٌ ما لان ولا هان ولا استكان، تسلح بالعلم والعمل والأمل، فحافظ متى استطاع، على بقائه على أرضه وولائه لرسالته ووفائه لشهدائه وأسراه وجرحاه. هذا الصمود التاريخي والنوعي يستأهل من الأمم المتحدة لا أن تحيي الذكرى والذاكرة، بل أن تعالج أسبابها ونتائجها وتبعاتها عبر تنفيذ قراراتها واحترام مواثيقها. أما الشكر فهو مستحق لمن بادر وحاول وقاتل وناضل من أجل فلسطين، فدعمها وأهلها معنوياً ومادياً، بالفعل لا بالعنتريات والشعارات والوعود الفارغة، أما الأمم المتحدة، فالشكر لكل من التزم بدعم فلسطين، على أمل أن يستمر الدعم لنيل فلسطين حريتها واستقلالها وعضويتها الدائمة في الأمم المتحدة، أما الذين هانوا وتآمروا وتقاعسوا وتواطؤوا وصوتوا ضد فلسطين فموقف الفلسطينيين معروف، لكنه يستوجب الفعل والجهد والعمل منا جميعاً لتغيير تلك المواقف، خاصة في ظل رسم خريطة نظام عالمي جديد. إن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وموازين القوى لا تبقى على حالها، ففي السياسة لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم، وإنما مصالح، منها الدائم ومنها المتغير، وتلك المصالح لن تتحرك حتما إلا بنفس واحد وبمصالحة فلسطينية داخلية تتجاوز الانقسام الداخلي فترأب الصدع، وتروي ظمأ المتعطشين للوحدة الوطنية، فهل ترى فلسطين النور قريباً؟ أم نعيش خمسة وسبعين عاماً أخرى في الحال ذاته؟ ننتظر ونرى