- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
طه منصور يكتب: اشتباكات عين الحلوة.. هل هي محاولة لتعميق الانقسام الفلسطيني؟
طه منصور يكتب: اشتباكات عين الحلوة.. هل هي محاولة لتعميق الانقسام الفلسطيني؟
- 9 أغسطس 2023, 7:29:38 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اقتتال فلسطيني-فلسطيني داخل الأراضي اللبنانية، هذا ما حدث بالفعل قبل أيام فقط في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، أو كما يحلو للبعض تسميته بـ"عاصمة الشتات في لبنان"، وسط نزوح السكان هرباً من الموت المجاني، في مأساة جديدة تفاقم من كونهم ضحايا أزليين لصراعات متعددة، حتى وهم خارج وطنهم الأم، غير أن الصراعات تلحق بهم أينما رحلوا.
مهما تعددت أسباب الاشتباكات التي أدت إلى مقتل 13 شخصاً، من الضروري طرح التساؤل المهم، وهو: لماذا اندلعت هذه الاشتباكات؟ أو ربما يصح السؤال بشكل أفضل إذ قلنا: لماذا تم افتعالها في هذه الظروف التي يعيشها لبنان والقضية الفلسطينية؟
قد تكون الإجابة عن هذا التساؤل تنطوي على العديد من الأوجه التي من شأنها أن تتلخص في سبب واحد، وهو الانقسام الفلسطيني الذي لا يزال حتى هذه اللحظة، يتسبب في شرخ عميق بين الفصائل الفلسطينية، سواء في الداخل أو الخارج، فشرارة بداية الاشتباكات بدأت باغتيال قائد قوات الأمن الوطني في منطقة صيدا أبو أشرف العرموشي، على يد أحد الأشخاص ومجموعته، فيما يبدو أنها محاولة لخلق فتنة داخل المخيم، وإحداث بلبلة عن طريق افتعال أحداث خطيرة لم تخلُ في جوهرها من نوايا خبيثة تستهدف الوجود الفلسطيني وأمنه داخل الأراضي اللبنانية.
الغريب أن هذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها خلافات في مخيم عين الحلوة، تؤدي إلى حدوث اشتباكات تنتهي عادة بـوساطات تؤدي إلى وقفها، لكن الشيء المفارق اليوم فهو توقيت هذه الاشتباكات، والتي تزامنت مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية-الفلسطينية من خلال لقاء جمع قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة، لتُفسد الاجتماع الذي كان من الممكن أن يعيد الأمل بإنهاء الانقسام الفلسطيني، أو على الأقل تقليل التوتر داخل الساحة الفلسطينية.
تصاعد الدخان من داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بلبنان/ رويترز
عملياً، لا يمكن النظر إلى الاشتباكات التي اندلعت في عين حلوة بمعزل عن الأطياف الخارجية التي لها مصلحة في تعميق الهوة بين الفلسطينيين داخل المخيم، ومحاولة ترسيخ الانقسام بما يخدم مصالحها الشخصية، فبعض المجموعات داخل مخيم عين الحلوة، لها ارتباطات خارج المخيم، وتتأثر بأحداث المنطقة وصراعاتها وانقساماتها، وهو ما حدث بالفعل، وقد تكون هذه الأحداث لها غاية أخرى كمحاولة زعزعة الأوضاع في لبنان، الذي يمر بفترة استثنائية، على المستويين السياسي والأمني خاصة على الحدود.
تداعيات الاشتباكات المسلحة التي دارت خلال الأيام الماضية في مخيم عين الحلوة خطيرة للغاية، وهنا لا بد من التوضيح أن مثل هذه الأحداث تؤثر بشكل سلبي على القضية الفلسطينية من جهة، وعلى الوضع العام للفلسطينيين داخل الأراضي اللبنانية من جهة أخرى، والذين يعانون من ظروف اجتماعية ومعيشية متدهورة، ومثل هذه الأحداث تزيد من قسوة الأوضاع عليهم، خاصة أن مئات منهم نزحوا من مناطق الاشتباكات تاركين وراءهم كل ما يخصم، في مشهد أشبه بمن يهرب من الصراع لصراع آخر، فهؤلاء أنفسهم من نزحوا وهجروا من منازلهم بسبب الاحتلال قبل سنوات طويلة.
وبين هذا وذاك، تستمر الخلافات الفلسطينية، سواء داخل فلسطين أو خارجها، لتزيد من حجم مآسي الفلسطينيين الذين أصبحوا يعانون من آثار هذا الانقسام بشكل كبير، وما يجب فهمه هو أن التيار أو الاتجاه الذي يسلكه أي فلسطيني لا يجب أن يؤثر على انتمائه وهدفه الأساسي، وهو نصرة القضية الفلسطينية، والتي عانت بما فيه الكفاية من الخذلان المحيط بها ليلحق بها الانقسام الذي أضعفها بشكل كبير، وهنا لابد من الإشارة إلى مبدأ أن الدم الفلسطيني حرام على الفلسطيني مهما تعددت الأسباب، وأن الوحدة هي السبيل الوحيد لهزيمة الاحتلال ونصرة القضية الفلسطينية.