- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
عبد الله الشايجي يكتب: متى تصلح أمريكا بوصلتها المعطلة مع حلفائها؟!
عبد الله الشايجي يكتب: متى تصلح أمريكا بوصلتها المعطلة مع حلفائها؟!
- 1 مايو 2023, 4:13:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يمكن وصف العلاقات الخليجية ـ الأمريكية بالعلاقة المرتبكة والمتراجعة بسبب عدة تطورات ساهمت بتراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج العربي في الحسابات الاستراتيجية والأمنية الأمريكية وخاصة منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود وانهيار الاتحاد السوفييتي ونهاية حقبة الثنائية القطبية وتفرد وقيادة الولايات المتحدة الأمريكية «نظام الأحادية القطبية».
اكتسبت العلاقات أهمية بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 بشن تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن اعتداءات ضربت وهزت الداخل الأمريكي في سابقة، أودت بحياة 3000 شخص.
ما أعاد اهتمام أمريكا بالمنطقة خاصة بمخطط جماعة «المحافظون الجدد والقرن الجديد» واختطافها سياسة الرئيس بوش الابن الخارجية وقادته لكوارث الحروب الاستباقية-غير الشرعية-على الإرهاب وغزو واحتلال أفغانستان والعراق والعبث بأمن الخليج والشرق الأوسط بإسقاط نظامي طالبان في أفغانستان وصدام حسين في العراق. ما فضح هشاشة النظام الأمني العربي وزاده ضعفاً وتردياً، ونستمر بتسديد فاتورته إلى اليوم بتمدد مشروع إيران التوسعي-الطائفي والتدخل في شؤون المنطقة من الخليج إلى المتوسط وأبعد، ومفاخرتها بالسيطرة على 4 عواصم عربية منذ عقد من الزمن!
وشهدنا مزاجية ونزق وحسابات ترامب الكارثية الخاطئة-وارتهانه لليمين المتشدد في الداخل الأمريكي وأجندته الشعوبية «أمريكا أولاً» و«لنعيد العظمة لأمريكا»-وانسحابه من الاتفاق النووي مع إيران-وتقديمه تنازلات مجانية ليزيد اليمين الإسرائيلي-الصهيوني تطرفاً وتغولاً-بحروب غزة-والاعتداءات الوحشية على المسجد الأقصى والضفة الغربية!
والأكثر استفزازاً، كان مكافأة ترامب تطرف وقمع حكومة نتنياهو الممنهج للفلسطينيين-وبتوصية فريقه اليهودي الأرثوذكسي: زوج ابنته وكبير مستشاريه جاريد كوشنير ومبعوثه للشرق الأوسط غرينبلات وسفيره في إسرائيل فريدمان-بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة في ذكرى النكبة السبعين في 14-5-2018!(وقتل إسرائيل 60 فلسطينياً رافضين ومحتجين على نقل السفارة للقدس) مخالفاً جميع أسلافه الرؤساء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الذين أرجأوا نقل السفارة من تل أبيب منذ رئاسة كلينتون عام 1995-بالتوقيع على التأجيل كل ستة أشهر حسب بند في القانون، لأن مستقبل القدس ضمن القضايا المؤجلة حتى مفاوضات الحل النهائي!
تعمق الشك الخليجي بجدية التعويل على الحليف الأمريكي إبان الربيع العربي وتخلي واشنطن عن حلفائها في مصر وتونس في عهد الرئيس أوباما-وزاد الشرخ بعد الكشف عن المفاوضات السرية الأمريكية ـ الإيرانية والاتفاق النووي على حساب الحلفاء الخليجيين
استمرت هدايا وتنازلات ترامب بعد نقل السفارة، بمكافأة تطرف حكومة نتنياهو بالاعتراف بالجولان السوري المحتل أراضي إسرائيلية! وأرسل ترامب خريطة تشير إلى الجولان ضمن أراضي فلسطين-وداخل كيان الاحتلال الإسرائيلي! كافأه وشكره نتنياهو بإطلاق اسم ترامب على مستعمرة إسرائيلية بُنيت بطريقة غير شرعية ومخالفة للقانون الدولي واتفاقيات جنيف كحال جميع المستوطنات في القدس والضفة الغربية! واستمرت استفزازات ترامب المجانية بحق الفلسطينيين والعرب، بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة واعترافه بالجولان السوري المحتل أراضي إسرائيلية- ليطلق ما يسمى «الاتفاقات الإبراهيمية»- مسرّعاً وموسعاً التطبيع العربي مع إسرائيل لخارج محيط دول المواجهة التي دخلت في حروب مع إسرائيل من النكبة، تحتفل وتستعرض إسرائيل هذه الأيام بذكراها الخامسة والسبعين، إلى النكسة واحتلال القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان!
ليمضي قطار التطبيع لمحطات بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وتبادل العلاقات الدبلوماسية عام 1979، والانسحاب من سيناء. وتطبيع الأردن وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، باتفاق وادي عربة عام 1994. ليفاخر ترامب بأنه حرك بعد 26 عاماً قطار التطبيع، وفي سنة واحدة أضاف أربع دول عربية لتطبع مع إسرائيل!
وتوسع الاختراق الإسرائيلي والتطبيع بمبادرة وحوافز ترامب من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي بانضمام دولة الإمارات ووصل التطبيع لقلب الخليج-وشمل السودان والمغرب في الاتفاقات الإبراهيمية!
وبذلك طبعت 6 دول عربية من 22 دولة مع إسرائيل. والملفت أن التطبيع وإقامة علاقات دبلوماسية تم دون تقديم الاحتلال الإسرائيلي أية تنازلات حول حل الدولتين، والأرض مقابل السلام حسب اتفاق القمة العربية في بيروت عام 2002! بل ردت إسرائيل بمزيد من التطرف والقمع والتنكيل بالفلسطينيين! وبانتخاب أكثر حكومة عنصرية وفاشية وتطرفاً بتاريخ كيان الاحتلال من عتاة المتطرفين والصهيونية الدينية- صار نتنياهو من الحمائم مقارنة بوزرائه المتطرفين الفاشيين!
خليجياً تتعمق الشكوك من دول مجلس التعاون الخليجي من الالتزامات الأمريكية بالدفاع عن أمن واستقرار الحلفاء الخليجيين. برز ذلك منذ أيام تخلي إدارة كارتر عن شاه إيران الحليف الرئيسي في المنطقة-وسقوط مبدأ الرئيس نيكسون-»العامودان التوأمان»-وبرغم طمأنة الرئيس كارتر بعد احتلال السوفييت أفغانستان عام 1979-بمبدئه «منطقة الخليج تشكل أهمية بالغة الأهمية لمصالح أمريكا الحيوية-وأمريكا مستعدة للدفاع عن مصالحها فيه بما فيه استخدام القوة العسكرية»! لكن دول الخليج رفضت منح إدارة كارتر قواعد عسكرية في أي دولة خليجية لتمركز «قوات التدخل السريع» التي نشأت بعد إعلان الرئيس كارتر عن مبدئه بالأهمية الحيوية لمنطقة الخليج العربي مستودع وخزان الطاقة من نفط وغاز، وكذلك بعد تردي العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران الثورة واحتجاز دبلوماسيين أمريكيين رهائن وقطع العلاقات الدبلوماسية، ومواجهات مفتوحة وعقوبات قواعد عسكرية في دول الخليج العريي التي أسست بعد عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمواجهة حزمة من التهديدات الإقليمية الخطيرة-سقوط نظام الشاه-والثورة الإسلامية في إيران والغزو السوفييتي لأفغانستان والحرب العراقية-الإيرانية واغتيال الرئيس المصري أنور السادات.
وتعمق الشك الخليجي بجدية التعويل على الحليف الأمريكي إبان الربيع العربي وتخلي واشنطن عن حلفائها في مصر وتونس في عهد الرئيس أوباما-وزاد الشرخ بعد الكشف عن المفاوضات السرية الأمريكية-الإيرانية والاتفاق النووي على حساب الحلفاء الخليجيين. وعدم رد إدارة ترامب على اعتداءات إيران والحوثيين على منشآت أرامكو السعودية عام 2019- وصولاً لخفض إدارة بايدن عديد القوات الأمريكية وسحب بطاريات صواريخ أنظمة دفاع صاروخي من المنطقة والانسحاب المرتبك والفوضوي من أفغانستان-ما عمق التشكيك بالتزامات واشنطن بأمن حلفائها في المنطقة.
ويبقى السؤال:متى تصلح أمريكا بوصلتها المعطلة وتطمئن حلفائها وترهب خصومها؟