- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
علي أسمر يكتب: دولة عظمى ولكن ليس بالأرقام !
علي أسمر يكتب: دولة عظمى ولكن ليس بالأرقام !
- 23 فبراير 2023, 4:38:22 م
- 492
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مازالت آثار الزلزال المدمر مستمرة، ومازالت تركيا تحاول تخفيف أضرار هذه الكارثة البيئية التي ستؤثر على الجانب الاقتصادي والسياسي والتنموي في تركيا على مدار سنوات مقبلة، فالكارثة أتت قبيل انتخابات مصيرية وفي وضع كانت تحاول الحكومة التركية فيه محاربة التضخم وتقوية الاقتصاد ورفع عائدات السياحة ليأتي هذا الزلزال ويغير المعادلة بشكل كامل ، فالأن الأولوية هي لبناء المناطق المتضررة ويقدر بعض الخبراء التكلفة الازمة لإعادة بناء الولايات المتضررة بـ مئة مليار دولار ، هذا تحدي كبير للحكومة التركية حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأن خلال سنة واحدة ستتم إعادة الإعمار وستسلم البيوت لاصحابيها وهذا ما فعله بضبط في ولاية انطاليا العام الماضي ، على اثر حرائق كبيرة نشبت في الغابات حيث وعدت الحكومة ذات والوعد وسلمت البيوت لاصحابيها خلال سنة ، ولكن في هذه المرة نتكلم عن عشر ولايات متضررة لذلك التحدي في هذه المرة سيكون أكبر وأكبر .
ولأن الموضوع جلل رفعت الحكومة التركية حالية الإنذار إلى المرتبة الرابعة التي تتطلب مساعدات ودعم دولي ، وأتت المساعدات من العديد من الدول العربية والغربية ولكن بعض الدول لم تقدم المساعدة التي تناسب مكانتها العالمية وهنا اقصد الولايات المتحدة الأمريكية ، التي تعد تركيا حليفاً استراتيجيا لها، حيث قدمت الولايات المتحدة في بداية الأزمة حوالي 85 مليون دولار لتركيا وسوريا وخلال زيارة وزير الخارجية الامريكي أنتوني بيلنكن لتركيا مؤخرا أعلن عن تقديم مئة مليون دولار إضافية .
لزيارة وزير الخارجية الأمريكي لتركيا عدة نقاط حساسة ومنها تأخر الزيارة كثيراً حيث استلم الوزير منصبه قبل سنتين من اأان وهذه هي أول زيارة له لتركيا على عكس وزراء الخارجية الأمريكية السابقين ، والنقطة الثانية هي ملفات الزيارة حيث لم يأتي الوزير الأمريكي لمساندة تركيا في هذا الوقت الحرج، بل أتى أيضا ليساوم ويفاوض إنضمام السويد وفلندا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" والنقطة الثالثة هي المبلغ الأضافي المتواضع الذي قدمه والذي يقدر بمئة مليون دولار، لربما لا تعلم الولايات المتحدة حجم تركيا الحقيقي ، حيث أننا شهدنا جمع حوالي سبعة مليار دولار من خلال حملة شعبية في تركيا لم تستغرق يوماً واحداً .
حقيقة إذا قارنا مبالغ الولايات المتحدة المقدمة لتركيا بالمبالغ التي قدمتها لأوكرانيا هذه الدولة التي ليست عضواً في حلف الشمال الاطلسي "الناتو" سنرى فرق شاسعاً
تقدر المساعدات المالية الأمريكية لأوكرانيا بمليارات الدولارات وتقدر مساعداتها للجانب التركي بمليونين دولار حتى الأن، هذا الفرق الكبير بين الرقمين يظهر حجم النفاق الأمريكي تجاه تركيا، فتركيا عضو فعال في الناتو ودولة لها دور كبير في الملفات الأقليمية والعالمية كالملف السوري وملف نقل الحبوب الأوكرانية للعالم.
والحقيقة المرة هي عدم تقديم أمريكا دعم كبير لتركيا كالذي تقدمه لميليشيات إرهابية كقسد وحزب العمال الكردستاني الذي دعمته بالمال والسلاح عبر سنوات طويلة .
وكل هذه الأسباب كانت عوامل دافعة لتركيا للتقارب مع الطرف الروسي هذا التقارب الذي ينتقده الغرب وكأنه حصل برغبة تركية فقط ، وليس بسبب تقصير الغرب إتجاه تركيا فالغرب أخذ الكثير ولم يعطي إلا القليل لتركيا ومع ذلك تحاول تركيا مسك العصا من المنتصف .
سلوك الولايات المتحدة الغير مسؤول تجاه تركيا هو بسبب سياسة حزب العدالة والتنمية على مدار عقدين من الزمن ،هذه السياسة التي تميزت بترك التبعية الغربية واستقلال القرار السياسي التركي ، وتطوير الصناعات الدافعية ومحاربة الفائدة والتضخم وتواجد تركيا في الملفات الإقليمية كالملف السوري والليبي ، كل هذه الأمور والسياسات التركية لم تعجب الجانب الامريكي الذي يسمي نفسه بالدولة العظمى أما على أرض الواقع الأمر يختلف ، للأسف لم يرقى الدعم الأمريكي لتركيا خلال هذه الأزمة إلى حجم الطاقة المنبعثة من هذا الزلزال والتي تقدر بقوة 500 قنبلة ذرية.