عماد توفيق عفانة يكتب: عودة العدو للاغتيالات .... وسياسة احمد سعدات

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 7 أغسطس 2023, 12:17:37 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بالتزامن مع نشر السلطة في رام الله لنحو ألف عنصر امن في جنين ومخيمها، في اعقاب الاجتياح الأخير لمخيم جنين قبل أسابيع بحجة حفظ الأمن وبسط السيطرة.


واصل العدو عدوانه بشتى الأشكال، فبالأمس عاد الاحتلال لممارسة فاشيته التي لم يتركها يوما، وقام باغتيال ثلاثة مقاومين من جنين وهم داخل سيارتهم بطريقة بشعة، وبالبث المباشر، دون أن يرف له جفن، فمن أمن العقاب اساء الأدب. 


العدو الذي لا يحتاج الى مبرر لقتلنا، زعم أن الشهداء الثلاثة كانوا في طريقهم لتنفيذ مهمة فدائية، وأن قتلهم كان عملية استباقية لتحييدهم، في ذات الوقت الذي أعلن فيه الإرهابي بن غفير عن استمرار مسلسل قتل الفلسطينيين بقوله: أن كل من يقتل فلسطينيا يستحق شهادة تقدير.


وكالعادة وبعد عملية الاغتيال البشعة للفلسطينيين الثلاثة، انهالت بيانات الفصائل الفلسطينية كالسيل لاستنكار عملية الاغتيال، وتوعدت بالانتقام، فيما نزلت هذه البيانات برداً وسلاماً على كيان الاحتلال، فقد اطمأن الى بقاء الروتينية والنمطية والرتابة الفلسطينية في الرد على جرائمه.


غير ان اللافت هذه المرة نشر العدو لأخبار عن رفعه لجهوزية القبة الحديدية حول غزة، خشية صواريخ المقاومة، وهي حيلة نفسية للإيحاء غير المباشر للمقاومة بأن هذا هو الرد المطلوب من المقاومة لو فاض كيلها ورغبت في بعض التنفيس.


وكان بمقدور المقاومة جعل بن غفير ونتنياهو يتصبب عرقاً، فيما لو أعلنت المقاومة عن تفعيل سياسة الرأس بالرأس، التي دشنها البطل الأسير أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات ردا على اغتيال العدو للقائد أبو علي مصطفى.


جريمة الاغتيال في جنين كبيرة وموغلة في البشاعة، وبيانات الاستنكار والتهديد الوعيد لم تعد تجدي، بل ربما السكوت اعمالا لسياسة الغموض موجع أكثر من الكلام.


لم يعد أمام المقاومة من خيار لوقف مسلسل الاغتيالات، سوى تدشين ردود مدروسة ومؤلمة وذات أثر ممتد، وإلا فلننتظر الضحية التالية.


ربما كان حجم الوجع الذي شعر به العدو في أعقاب عملية تل أبيب أمس الأول، خلف الطريقة البشعة التي نفذ بها العدو عملية الاغتيال، بالبث المباشر أملا في إيصال رسالة ردع للمقاومة ومن خلفها أجيال الشعب الفلسطيني التي تتوق الى الانعتاق.


عملية تل أبيب رسمت خارطة الطريق الحقيقية لمواجهة العدو من نقطة ضعفه، وحددت معالم ميدان المعركة المستحق، داخل حصون العدو ومدنه وشوارعه الآمنة.


كل معركة مع العدو داخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية خاسرة مهما بلغت مكاسبنا.


وكل معركة مع العدو داخل مدنه وحصونه رابحة مهما بلغت خسائرنا.


يحرص العدو على إبقاء ميدان المعركة داخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، كي لا تكشف عمليات المقاومة داخل مدنه وحصونه عورة الأمن الصهيوني القائم على التضخيم والتهويل، فلا يوجد حاجز لا يمكن اختراقه، ولا يوجد مكان لا يمكن الوصول اليه حتى ولو كان الكرياه في قلب تل أبيب.


ربما بات على المقاومة مراجعة المثل القائل خير وسيلة للدفاع الهجوم، صحيح ان المعارك كر وفر، ولكن استخلاصا للعبر والدروس السابقة، ينبغي نقل ميدان المعركة بالكلية داخل كيان العدو، وأن تكون عمليات الكر والفر داخل مدنه واحيائه وحصونه.


اغتيال الشهداء الثلاثة لم يكون الأول ولن يكون الأخير، إذا استمرينا في نمطيتنا المعهودة في الرد على جرائمه واغتيالاته.


وفي الوقت الذي يقع فيه على عاتق المقاومة مباغتة العدو في عقر مغتصباته، فانه يقع على مقاومينا اتخاذ أقصى درجات الحيطة الحذر، وحرمانه من المعلومات، ومن الجاسوس الذي يزرعه في أيدينا وفي جيوبنا "الهاتف المحمول".


لن يكون الدم الفلسطيني المسفوك نقمة على الاحتلال، ونورا يضيء لفلسطين طريق الحرية وتقرير المصير، مالم نستخلص العبر ونتعلم من الأخطاء، ومالم نتخلى عن نمطيتنا المعهودة التي سهلت على العدو قراءتنا وتوقع سلوكنا وخطوتنا القادمة.


واولى خطوات التخلي عن النمطية والرتابة، هو التخلي عن سياسة رد الفعل التي باتت تحكم العمل المقاوم، فسموتريتش الذي يعمل بصمت على تكريس الاستيطان وعملية الضم الشاملة للضفة، وانهاء الصراع بالضربة القاضية، بحاجة الى حنكة لإقناعه بالتخلي عن هذا الحلم، وذلك لن يكون الا بضرب جبهته الداخلية، وخلخلة قواعد ارتكازه، وتعزيز قطار هروب المغتصبين وهجرتهم من الكيان بحثا عن الأمان المفقود.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)