- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب: محمد ضيف ... ومتطلبات موقع القائد الملهم
عماد عفانة يكتب: محمد ضيف ... ومتطلبات موقع القائد الملهم
- 20 يناير 2022, 3:26:44 م
- 439
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا تزال الثورات تبحث عن القائد الملهم الذي يجب أن يوفر النموذج والقدوة في التضحية والشجاعة والفداء حتى تواصل الثورة مسيرتها حتى تحقيق أهدافها في التحرر والانعتاق.
وذلك أن الشعوب المحتلة كالشعب الفلسطيني، الذي يفتته الخلاف والانقسام الذي صنعه وغذاه العدو المحتل، قد تختلط عليه الصورة، ليفتقد معها القدرة على فهم وتحديد بوصلته الحقيقية التي توضح له الطريق الاصوب للنجاة، وهو ما يجعله يبحث عن شخص نظيف، ذو ثقة، نقي، لم تلوثه الحزبية ولا الصراعات الفصائلية، ولم يلوث يديه سوى بدماء أعداء الشعب والأمة، واضح الأهداف جلي البوصلة، شخص يختلف الجميع عنده ولا يختلفون عليه، شخص يقترب إلى الأساطير التي نسمع عنها في قصص الجدات.
وقد صدر الشعب الفلسطيني عدد من هؤلاء القادة في تاريخ ثورته الممتد، بدءاً من عز الدين القسام مرورا بعبد القار الحسيني، وليس انتهاءاً بياسر عرفات.
وشعبنا اليوم يقف امام قائد من هذه الفصيلة، فمحمد دياب إبراهيم المصري (أبو خالد) المعروف بـمحمد الضيف المولود في غزة، 1965 لم يعد مجرد القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأحد أهم المطلوبين للكيان الصهيوني منذ 30 عاما.
بل أهله تاريخه الطويل في النضال، وتضحياته الكبيرة في سبيل النصر والتحرير للصعود في سلم الشعبية والرمزية لتهتف باسمه الجماهير، ليس في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية المحتلة فقط، بل وفي العواصم العربية والإسلامية.
كيف لا وقد نجا الضيف من أكثر من 5 محاولات اغتيال دامية، أصيب خلالها بإصابات بليغة، وقتل العدو في إحداها زوجته وطفله، ودمّر بيته.
كيف لا وقد حاز محمد المصري على هذا اللقب – الضيف- الذي طغى على اسمه الحقيقي، لأنه حلّ ضيفاً على الضفة الغربية، فساهم في بناء كتائب القسام هناك، فضلا عن كونه لا يستقر في أي مكان؛ فكثيراً ما يكون ضيفاً على أحد في رحلة المطاردة التي يعيشها الضيف منذ نحو 30 عاما.
كيف لا وقد كان الضيف جزءاً من صفقة بين سلطة عرفات و"إسرائيل" تنص على قيام السلطة باعتقاله، مقابل أن يعطيها العدو سيطرة أمنية على ثلاث قرى في القدس.
تعج الساحة الفلسطينية بالقادة السياسيين للمقاومة، لكن تبقى رمزيتهم مجروحة بانتمائهم الحزبي، او بخطابهم الفصائلي، أو بانخراطهم في تفاصيل الانقسام المفروض خارجيا، والذي تصر سلطة عباس على تأبيده لأسباب لا علاقة لها بالثورة او الوطن او الشعب.
الامر الذي يفرض على محمد ضيف للانتقال بمستوى الخطاب الموجهة للشعب الفلسطيني فضلا عن الشعوب العربية والاسلامية الى مستويات خطاب مختلفة تناسب كل جهة وكل ساحة، لجهة توظيف لهذه الرمزية وهذا الموقع المتقدم الذي بات يتمتع به الضيف في عيون وضمير الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية.
تحرير فلسطين قد يحتاج إلى قائد فذ كصلاح الدين الأيوبي، وبما أن صلاح الدين لن يعود، فان له خلفاء وتلاميذ بل وأبطال ملهمين يسيرون على نهجه، فليست من شيمنا تعطيل كل شيء حتى ظهور صلاح الدين، في حين ان صلاح الدين شعبنا وعصرنا يعيش يننا، ويقود ثورتنا، يخوض حروبنا، ويستجيب لنداءات شعبنا في القدس وفي الشيخ جراح، ويستجيب لنداءات الاسرى والاسيرات في سجون الاحتلال، ويتردد صدى اسمه على السنة الثوار في جميع الميادين والساحات، من نابلس وجنين، الى الفوار وحي الشيخ جراح، الى ساحات الحرم القدسي الشريف.
إذا كان الوضع الفلسطيني يعيش حالة استعصاء سياسي، نظرا لاحتكار سلطة عباس القرار واستفرادها بالمنظمة التي تحاول اعادة تشكيلها على مقاس إرادة ورغبة الشاباك، فانه يقع على عاتق محمد ضيف لعب دور المنقذ، الذي يوجه الجميع نحو خيار ثالث يتجاوز حالة الاستعصاء السياسي، خيار عابر للفصائل والقوى والأحزاب العاجزة عن توحيد نفسها وانهاء خلافها وانقسامها.
"فلا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تنجح ثورة تحريرية بشعب جاهل لا يستطيع أن يفرق بين أولويات التحرير، فالشعب إن تطعم بالوعي، أصبح قادراً على اقتناص أي فرصة تلوح في قائد ملهم يمكن أن يقلب موازين القوى، لكن بقاء الشعب على جهله لن يحدث أي تغيير وإن كان فيه عمر او صلاح الدين".
فمن التصق بالمجاهد محمد ضيف، وسخر نفسه وقدراته في طريق جهاده افلح ونجا، ومن خاف وتخلف وتخلى خاب وخسر.
محمد ضيف أصبح رمز للإنقاذ الوطني الفلسطيني، وعنوان لوقف معاناة الشعب الفلسطيني المحتل في الضفة، كما في غزة المحاصرة، وللمهددين بالهدم والترحيل في حي الشيخ جراح في القدس، وللأسرى المقموعين في سجون العدو الباردة.
"النداءات الفلسطينية الموجهة دائما لمحمد الضيف التي باتت تشهد على التعزيز الكبير لمكانته في الشارع الفلسطيني، والتي باتت تنال المزيد من المصداقية والاحترام خلال السنوات الأخيرة في الشارع الفلسطيني"، تفرض على محمد ضيف القيام بمقاربة مختلفة في التعامل مع سياسة الحضور والغياب، البروز والتخفي، دور يمليه عليه متطلبات هذا الموقع التاريخي والمتقدم، الأمر الذي يفرض على حماس ان تجند نفسها وكافة قدراتها وامكاناتها لتحقيق هذا الهدف السامي، والوصول الى تلك الغاية النبيلة.
فمحمد ضيف المطارد للاحتلال، والمطلوب للعدو رأسه، والذي تبحث عنه طائرات العدو التجسسية ومسيراته وكافة عملائه، لا ينافس أحداً على موقع او منصب، كما لا ينافس على أسماء او مزيد من الألقاب، انما ينافس على موقع ارفع وأسمى، فصعود محمد ضيف هو صعود نحو الشهادة.