عمليات هدم وإعادة تشكيل لمناطق حيوية بالقاهرة.. ماذا يجري وراء الكواليس؟

profile
  • clock 20 يناير 2022, 3:55:18 م
  • eye 473
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ذكرت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، أن السلطات المصرية ماضية في إعادة تشكيل المباني القديمة والمناطق الحيوية بالعاصمة القاهرة في إطار مخطط يقوده صندوقها السيادي لتسييل الأصول.

وفي تقرير للكاتب "أحمد ماهر"، أشارت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية في هذا الصدد إلى افتتاح السلطات المصرية، مؤخرا، أكبر مجمع سجون في البلاد بمنطقة وادي النطرون التابعة لمحافظة البحيرة شمالي البلاد.

وقالت وزارة الداخلية إنه سيتم إغلاق بعض السجون في مجمع طرة جنوب القاهرة، إلى جانب نحو 11 سجنا آخر في جميع أنحاء البلاد، ونقل نزلاء تلك السجون إلى المجمع الجديد.

وأضافت أن السجن مجهز بوسائل حديثة ومريحة تضمن الكرامة للنزلاء، لافتة إلى أن الهدف من تدشينه هو "تطوير منظومة التنفيذ العقابي وفقا لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا".

مخطط لتسييل الأصول

لكن "ذا ناشيونال" قالت في تقريرها إن هناك هدفا آخرا؛ فبناء هذا المجمع هو جزء من مخطط طموح لتسييل الأصول من قبل الصندوق السيادي لمصر.

وأوضحت أن السلطات المصرية قررت إعادة توظيف المباني القديمة وإعادة تشكيل المناطق الحيوية في القاهرة من خلال إنشاء مبان سكنية فاخرة ومطاعم راقية ومراكز ثقافية، فضلا عن تمهيد الطريق لجعل مصر مركزا إقليميا للشركات الناشئة.

وبدأت التغييرات بالفعل، مع مبنى "مجمع التحرير" الضخم، أحد أشهر مباني العاصمة المصرية، الذي يعود تاريخ بنائه لعام 1951، ويُوصف بأنه "رمز للروتين الحكومي"؛ حيث يضم مكاتب لجميع مؤسسات الدولة تقريبا.

فبعد أن انتقلت ملكية المجمع إلى "صندوق مصر السيادي"، تدرس الحكومة في الوقت الحالي كيفية استغلاله بأفضل شكل ممكن من خلال التواصل مع عدد من الشركات الاستشارية.

وحسب وزارة التخطيط المصرية، فإنه يتم العمل في الوقت الحالي على تحويل مجمع التحرير إلى مكان متعدد الاستخدامات يشمل جزءا فندقيا، وآخر إداريا وتجاريا بعد تطويره، مع المحافظة على الطابع التاريخي للمبنى.

ويتنافس حاليا العديد من المستثمرين على مشروع التطوير الجديد للمجمع.

قرارات هدم وإزالة

على النحو ذاته، تشهد عدة مناطق حيوية بالعاصمة المصرية قرارات هدم وعمليات إزالة بدعوى تطويرها كونها "عشوائية"؛ ما أثار حالة من الغضب والاحتجاج بين أهالي تلك المناطق.

ومن ذلك، قرار محافظة القاهرة بإزالة نحو 40 عمارة من بنايات شركة "مصر الجديدة للإسكان والتعمير" في منطقة ألماظة؛ بدعوى توسعة الطريق بناء على توجيهات القيادة السياسية، في إطار تسهيل حركة المرور من وإلى العاصمة الإدارية الجديدة، الواقعة في قلب الصحراء، شرقي العاصمة المصرية.

وبدأت عمليات الهدم فيها بالفعل أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ وسط احتجاجات من الأهالي.

وفي مارس/آذار الماضي، أعلن وزير النقل المصري "كامل الوزير" عن إزالة نحو 1200 عقار مأهول بالسكان من أجل توسعة الطريق الدائري، الرابط بين محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، مقابل منح المواطنين تعويضات تبلغ 40 ألف جنيه للغرفة الواحدة، مع اعتبار صالة الاستقبال والمطبخ غرفة واحدة، أي ما يصل إلى 160 ألف جنيه للوحدة السكنية المكونة من 3 غرف.

وتراوح أسعار الوحدات السكنية المطلة على الطريق الدائري في مصر بين 500 و800 ألف جنيه في المتوسط، أي أن قيمة التعويض لا تتجاوز نسبة 20% من سعر الوحدة الفعلي، علماً أنه لا توجد وحدات في محافظات القاهرة الكبرى تبلغ قيمتها 160 ألف جنيه في الوقت الراهن، على أثر تضاعف أسعار العقارات نتيجة قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في أواخر عام 2016.

كذلك، أعلنت الحكومة المصرية، مؤخرا، عزمها إزالة مبان سكنية في الحي السادس في مدينة نصر شرقي القاهرة وبناء أخرى محلها لـ"تطوير المنطقة".

ورغم أن إعلان الحكومة نيتها لبناء أكثر من 3000 وحدة سكنية ومحلا تجاريا جاء مصحوبا بخيارات متعددة للتعويض، لم تسر الأمور بهدوء على الإطلاق؛ إذ تعالت ردود الفعل الغاضبة.

كانت بداية القصة عندما اجتمع مسؤول بارز في المحافظة مع عدد من الأهالي في الحي قبل أكثر من أسبوع ليخبرهم بعزم الحكومة "التطوير الشامل"، لأن المباني بنيت قبل 60 عامًا ولم يتم ترميمها منذ ذلك الحين.

ورغم أن الإعلان لم يتحول حتى الآن إلى قرار تنفيذي، ولم تتواصل الجهات المعنية بشكل رسمي مع المواطنين كل على حدة، إلا أنه أثار جدلًا واسعًا حول احترام الملكية الخاصة في مصر.

ويتهم البعض الحكومة بإعادة بناء المنطقة السكنية لأغراض استثمارية، فيما ينفي المسؤولون ذلك، موضحين أن الأمر ذاته يتم في مناطق أخرى بالقاهرة.

وشهدت السنوات الأخيرة مشاريع مماثلة، منها عمليات هدم مساكن أراضي جزيرة الوراق وسط نهر النيل، وطرد سكانها منها؛ بغرض تحويلها إلى مجمعات سكانية فاخرة.

إضافة إلى عمليات هدم بالقرب من مقابر المماليك، أقدم جبانة إسلامية في مصر، وتحتل موقعا متميزا وسط العاصمة؛ ضمن خطط حكومية لإنشاء محور الفردوس، بدعوى تطوير المنطقة.

بجانب هدم مسرح البالون والسيرك القومي الموجودين في حي العجوزة وسط القاهرة لتحويل منطقتهما الموجودة على ضفة النيل إلى منطقة استثمارية.

"صندوق مصر السيادي"

وتأسس "صندوق مصر السيادي" (TSFE) عام 2018 لمساعدة الحكومة في تنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية، ويسعى إلى جمع 2.5 مليار دولار بحلول نهاية عام 2022.

وحول ذلك، قال "عادل بشاي"، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في القاهرة، إن "الاستفادة القصوى من أصول الدولة غير المستغلة بشكل جيد سيكون أفضل وصفة طويلة الأجل للاضطرابات المالية للدولة".

وأضاف: "في هذا الوقت من الضائقة المالية، يجب أن تستكشف الحكومة جميع الخيارات المتاحة".

وقال مسؤولو الصندوق إنه يهدف إلى إطلاق العنان لإمكانات احتكارات الدولة السابقة ويفتح الأسواق أمام المنافسة.

وفي حديثه لقناة "إيكونومي بلس" المصرية على "يوتيوب"، نفى الرئيس التنفيذي للصندوق "أيمن سليمان" أن يكون الصندوق يخطط لبيع أصوله بالمزاد، لكنه سيعيد تنشيط القطاع الخاص عبر الاستثمار في الصناعات الرئيسية مثل الاتصالات والتعليم والرعاية الصحية.

ورفض "سليمان"، الخبير المالي الذي تلقى تعليمه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة والذي أدار عشرات الشركات الكبرى في مختلف القطاعات، التكهنات بأن المشاريع كانت تهدف إلى توفير حل سريع لعجز الميزانية أو التعامل مع الدين العام.

وفي أحدث مراجعة لمصر، قال البنك الدولي إن بيئة الاقتصاد الكلي في البلاد أظهرت مرونة في مواجهة "كورونا".

لكن البنك يسلط الضوء على التحديات المستمرة، بما في ذلك نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، التي لا تزال مرتفعة عند 87.5%.


المصدر | ذا ناشيونال

التعليقات (0)