لماذا يعتبر احتجاج الطيارين العسكريين في دولة الاحتلال قضية وجودية؟

profile
  • clock 22 مارس 2023, 8:32:39 م
  • eye 297
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتبة الإسرائيلية ليلي غاليلي، أشارت فيه إلى أن قرار العسكريين الاحتياط الانضمام إلى الآلاف في الشوارع ضد الخطة القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، أطلق صفارات الإنذار وبث الذعر في صفوف المسؤولين في دولة الاحتلال.

وذكر التقرير  أنه في السابق كان ينظر إلى عناصر وحدات الجيش ذات يوم باعتبارهم أبطالاً أعزاء، ولكنهم اليوم باتوا محل شيطنة روتينية من قبل أنصار حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمسؤولين في ائتلافه الحاكم.

وأعلن 37 من بين 40 احتياطيا في سرب69 –وحدة النخبة في سلاح الجو الإسرائيلي– أنهم لن يشاركوا في التدريبات احتجاجاً على خطة الحكومة إدخال تعديلات على النظام القضائي. وبعد ذلك لحق بهم 180 من الطيارين والملاحين الاحتياط وغير ذلك من العاملين في سلاح الجو، معلنين إنهم لن يشاركوا في تدريباتهم الأسبوعية هذا الأسبوع.

قبل أيام، وصف يوآف غالانت، وزير الجيش وعضو تكتل الليكود الذي يرأسه نتنياهو، المنشقين بأنهم "تهديد حقيقي لأمن إسرائيل". ولكن مع نمو أعدادهم، تغيرت لهجته، ويوم الاثنين هدد بالاستقالة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية. بل يقال إنه هدد رئيس الوزراء بأن الجيش على وشك الانهيار.

على مدى عقود، لم يفتأ الإسرائيليون يقولون لأنفسهم إن الجيش يمتلك البلد. كان يقال ذلك أحياناً على سبيل النكتة، وأحياناً يعبر عنه باعتباره انعكاساً لما تشكل من انطباع عن الواقع.

ولكن منذ أن اندلعت الاحتجاجات ضد خطة الحكومة المثيرة للجدل حول التعديلات في النظام القضائي قبل أكثر من عشرة أسابيع، تغير الانطباع بصورة كبيرة لدى كثير من الإسرائيليين حول مؤسسات الجيش.

كان ينظر إلى عناصر وحدات الجيش ذات يوم باعتبارهم أبطالاً أعزاء، ولكنهم اليوم باتوا محل شيطنة روتينية من قبل أنصار حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمسؤولين في ائتلافه الحاكم.

إنها المرة الأولى، وكذلك مشاركة الجنود في الاحتجاجات العارمة.

بدأ ذلك قبل أسبوعين اثنين عندما أعلن 37 من بين 40 احتياطياً في سرب69 – وحدة النخبة في سلاح الجو الإسرائيلي – أنهم لن يشاركوا في التدريبات احتجاجاً على خطة الحكومة إدخال تعديلات على النظام القضائي.
يعتبر السرب، التي يعرف باسم "المطارق"، حيوية جداً بالنسبة لأمن إسرائيل، فهي التي نفذت مئات الغارات على أهداف إيرانية داخل سوريا خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك الهجوم على المفاعل النووي السوري في عام 2007.

تاريخياً، طالما احتل الجيش وفرقه المختلفة مكانة مرموقة في المجتمع الإسرائيلي، حيث ينظر إليهم باعتبارهم مؤسسات الدولة التي يعتمد عليها أكثر من غيرها. ويبلغ تقدير الناس لهم حداً جعل الحكومة تعتبر حياة الجنود أعلى قيمة من حياة المدنيين الذين من المفروض أن الجنود يسهرون على حمايتهم.

ولذلك فإن قرار السرب 69 الانضمام إلى عشرات الألوف من المحتجين في الشوارع يؤكد على السخط المتنامي ضد مشروع التعديل القضائي، والذي يخشى النقاد من أنه سوف يخضع البلد لحكم سلطوي ويقوض آليات الرقابة والتوازن.

يوم الأحد، لحق بهم 180 من الطيارين والملاحين الاحتياط وغير ذلك من العاملين في سلاح الجو، معلنين إنهم لن يشاركوا في تدريباتهم الأسبوعية هذا الأسبوع. وعلى النقيض من أسلافهم، الذين كان بيانهم المشابه يشير فقط إلى المستقبل، فإن هذا القرار غير المسبوق يوضع قيد التنفيذ في الحال.

وفعلاً لم يتراجعوا قيد أنملة، بل واعترف كثيرون منهم على الملأ إن الوقت الذي كان من المقرر أن يقضوه في التدريب سوف يمضونه في الاحتجاجات. وكتب أحد الطيارين إلى آمره يقول له: "إن الأسابيع القادمة حرجة من حيث التغير المنتظر في النظام. من وجهة نظري، إن المشاركة في أي مسعى لوقف هذه العملية هو الذي تتطلبه مساهمتي في خدمة الدولة والحفاظ على أمنها."

ما بدأ بمشاركة 37 طياراً، الذين غيروا مضمار ومزاج التظاهرات الاحتجاجية، غدا الآن سيلاً من المئات. عناصر الاحتياط من الوحدات الأخرى، بما في ذلك الوحدة 8200، وهي وحدة من الفرق الاستخباراتية، هددوا كذلك بالامتناع عن الذهاب إلى العمل.

في هذه الأثناء أعلن الاحتياطيون والمحاربون القدامى من لواء المشاة المحارب غولاني عن رفضهم الخدمة طالما استمر "التشريع الدكتاتوري".

كما أن الاحتياطيين من التشكيلات النخبوية الأخرى، مثل مغاوير البحرية التابعين للفرقة البرمائية 13 ووحدة القوات الخاصة شلداغ التابعة لسلاح الجو، قالوا هم أيضاً إنهم سيرفضون أوامر الاستدعاء أو سوف يتوقفون عن التطوع لعمل إضافي.

قبل أيام، وصف يوآف غالانت، وزير الجيش وعضو تكتل الليكود الذي يرأسه نتنياهو، المنشقين بأنهم "تهديد حقيقي لأمن إسرائيل". ولكن مع نمو أعدادهم، تغيرت لهجته، ويوم الاثنين هدد بالاستقالة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية. بل يقال إنه هدد رئيس الوزراء بأن الجيش على وشك الانهيار.

من الجدير بالملاحظة أنه لم يحصل من قبل في تاريخ إسرائيل أن تدخل الجيش في العملية السياسية في البلاد، ولم يحصل من قبل أن تولى سلاح الجو دوراً رائداً في ذلك، مع أن عدداً من رؤساء الأركان دخلوا السياسة بعد التقاعد.

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال نيري ياركوني، العقيد المتقاعد الذي خدم طياراً حربياً في سلاح الجو لما يزيد عن ثلاثين عاماً، إن ما أقدم عليه الطيارون السبعة والثلاثون يعتبر نقطة تحول رئيسية بالنسبة للحركة الاحتجاجية.

وقال: "لا يوجد لدى إسرائيل عدد كبير من الطيارين الحربيين. وعلى غير ما هو معهود في وحدات الجيش الإسرائيلي الأخرى، جميع الطيارين تقريباً هم في الاحتياط، وليسوا جنوداً شباباً يؤدون الخدمة الإجبارية".

وأضاف: "إن الطيارين السبعة والثلاثين من سرب 69، وهم بالتأكيد سرب "الامتياز"، يمثلون مزاجاً شائعاً في أوساط احتياطي سلاح الجو. يدرك الجميع أنه بدونهم لا يوجد سلاح جو، وبدون سلاح الجو لا وجود لإسرائيل".


وأضاف ياركوني إنه بينما يقول الاحتياطيون إنهم سيشاركون في العمليات الحربية إذا كان ثمة حاجة لذلك، إلا أن غيابهم قد يؤثر على قدرة إسرائيل على تنفيذ الغارات على المواقع التي تتجاوز قطاع غزة وسوريا حيث تستخدم الطائرات الحربية الإسرائيلية في معظم الأوقات.

وقال: "بإمكان سلاح الجو الإسرائيلي مهاجمة إيران بدون سرب 69، تماماً كما أن فريق نادي برشلونة بإمكانه أن يلعب بدون ميسي. ولكن الأداء لن يكون واحداً".

لو امتنع نصف الطيارين الحربيين الإسرائيليين عن الخدمة وظهر تهديد من بعيد، لنقل من قبل إيران، فإن ياركوني يحذر من أن الجيش الإسرائيلي ببساطة لن يتمكن من التعامل مع التهديد الطارئ. ويقول: "بدون طيارين، لا وجود لدولة إسرائيل".

أومير بارليف عقيد متقاعد وآمر سابق لوحدة سايريت ماتكال، وهي وحدة قوات خاصة كان نتنياهو قد خدم فيها ذات مرة. وحتى وقت قريب كان عضو الكنيست عن حزب العمال يشغل منصب وزير الأمن العام. إنه يتفق مع نظرة ياركوني المتشائمة.

قال في تصريح لموقع ميدل إيست آي: "حق إسرائيل في الوجود يقوم على جيش قوي وعلى الدعم الأمريكي الذي بدوره يستند إلى مجموعة من القيم المشتركة. إذا ما تلاشت هذه العوامل، فإننا سنكون على بضع خطى من انهيار إسرائيل". ويعتقد بارليف أن الضرر المحدق بالجيش لا يمكن تجنبه.

ويقول: "طوال خدمتي العسكرية الطويلة، كانت تساورني شكوك حول طبيعة المهام التي أقوم بها، وبشكل محدد إذا ما كانت تخدم أجندة سياسية خفية. إلا أنني كنت أتعايش مع ذلك لعلمي بكل بساطة أنه أياً كان الذي يقود البلاد، فإنه إنما يكون مدفوعاً باحتياجات الدولة الأمنية، ولا شيء سوى ذلك".

ويضيف: "لم يعد الوضع كذلك الآن. فمن أجل أن تكون قادراً على القيام بمثل هذه الأنواع من المهمات بكل رضى وقناعة، فإن الثقة شرط أساسي لضمان القيام بالواجب. وحتى الخدمة الإجبارية، إذا خلت من الإحساس بالانتماء، فإنها سوف تضر بقدرة الجيش على الأداء. وإذا كان الجيش معطوباً، فلن يكون لدولة إسرائيل وجود".

في ضوء ما يتعرض له الجيش من هجمات لفظية، رد العديد من قدامى المحاربين بعنف على السياسيين اليمينيين الذين تهربوا من الخدمة العسكرية الإلزامية. وذلك أن من بين 64 عضواً في الائتلاف الحاكم، 24 فقط خدموا في الجيش.

في خطاب له أمام مجموعة من المتظاهرين في القدس في وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء آموس مالكا: "نحن لسنا حمقى – لن نسمح للناس الذين لم يخدموا في الجيش بأن يملوا علينا نوع البلد الذي نعيش فيه. أوقفوا التشريع وإلا فإننا سوف نوقف البلد". ويبدو أن ذلك هو المزاج السائد في أوساط الشخصيات العسكرية.

في احتفال لتكريم احتياطي الجيش في الثاني عشر من أذار/ مارس، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرزي هاليفي: "لا يمكن للجيش الإسرائيلي أن يعمل بدون الاحتياط، واستعداد هؤلاء للخدمة يتوقف على بقائه جيشاً للشعب".

وفي الأسابيع الأخيرة، حذر العقيد المتقاعد شاؤول آريلي من أن اللغة التي توجه إلى عناصر الاحتياط المعارضين يمكن أن تؤثر على أداء من في الخدمة الإلزامية.

وقال في تصريح لموقع ميدل إيست آي: "هؤلاء فتيان وفتيات ويمكن للمناخ الحالي أن يؤثر بسهولة على حماسهم للانضمام إلى الوحدات المقاتلة أو للمشاركة في تدريبات الضباط".

وأضاف: "عندما يرى (الأطفال) أن البالغين يرفضون الخدمة في الاحتياطي، فلا مفر من أن يروا الأمر على حقيقته: تعبير عن عدم الثقة في النظام".

كما أن مرجل الغضب لم يزل يغلي منذ التصريح الذي أدلى به بتسلئيل سموتريتش، والذي بالإضافة إلى شغله منصب وزير المالية يتولى مسؤولية إدارة إسرائيل المدنية في الضفة الغربية المحتلة بحقيبة في وزارة الدفاع، والذي قال إنه ينبغي على إسرائيل "مسح" قرية حوارة الفلسطينية من الوجود.

وكان مئات من المستوطنين قد اعتدوا الشهر الماضي على البلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بالقرب من نابلس بعد إطلاق نار قتل فيه إسرائيليان اثنان في حوارة.

في أعمال التخريب التي اجتاحت حوارة والقرى الفلسطينية الأخرى قتل فلسطيني واحد وجرح ما يقرب من 400 آخرين.

يقول ياركوني، الذي قال إنه رفض إسقاط قنبلة عنقودية على قرية لبنانية في عام 1982، إن الأصوات المعارضة من داخل الجيش تجد صعوبة بالغة في إيجاد تعاطف من قبل الناس، في ظل المناخ السياسي السائد.

لم يتعرض ياركوني بسبب رفضه الأوامر لأي تعزير من قبل رؤسائه في الجيش، وقال إن عدداً من القادة والجنود أبدوا تعاطفاً معه.

يقول ياركوني: "بمجرد أن تقرر الحكومة بأن مسح حوارة من الوجود أمر مشروع، فلن أكون حاضراً هناك وكذلك هو حال كثير من الطيارين الآخرين".

في الجانب الآخر، أعرب اللواء غيرشون هاكوهين، الذي كان آمراً للقوات أثناء الانسحاب من غزة في عام 2005، عن اعتراضه الصريح على سلوك الطيارين، واصفاً إياه بالابتزاز السافر ومنتصف الطريق نحو انقلاب عسكري".

وتساءل: "ما هو الانقلاب العسكري إن لم يكن استخدام هؤلاء النفوذ الذي يحظون به ككيان وحيد لا يمكن الاستعاضة عنه".

وأضاف: "لا يوجد سوى بضع مئات منهم. إن الاستثمار الضخم في كل واحد منهم يترتب عليه مسؤوليات جسام. إنهم يسيئون استخدام نفوذهم".

قارن العديد من المحللين الوضع الحالي بما كان عليه في حرب أكتوبر 1973. فرغم الاختلاف الكبير في الخلفية، إلا أن المصدر الرئيسي للتشابه هو أزمة الثقة بين القيادة والشعب، على الأقل في أوساط نصف الجمهور. حينذاك، برز الجيش كمنقذ، أما الآن فإنه العدو بالنسبة للبعض.

يقول دان هالوتز، رئيس الأركان السابق الذي خدم أيضاً في منصب قائد سلاح الجو: "ترى البلدان المعادية أن إسرائيل الآن تشبه بيت العنكبوت، وهي تتساقط من ذاتها دون تدخل منهم". ويضيف: "لا يمكن لأحد أن يقيد طياراً في مقعده ويجبره على الطيران".

التعليقات (0)