محمد الساعدي يكتب: المواجهة وقوى المقاومة

profile
محمد الساعدي كاتب عراقي
  • clock 28 أكتوبر 2024, 3:25:23 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

عندما انطلقت عملية "طوفان الأقصى"، راهن العرب المتصهينون على أن غزة لن تصمد إلا لأشهر أو أسابيع، وهو ما أكده لهم نتنياهو في رسائله وبياناته التي أزعجنا بها. إلا أن العملية على أرض الواقع كانت شبيهة بعاصفة الحزم الخليجية على اليمن، والتي أثبت بها الحوثيون أنه بالرغم من ضعف تسليحهم، فإن الإيمان بالعقيدة الراسخة كان له الأثر الأكبر في تحقيق النصر ودحر العدوان وإذلال آل سعود ومن معهم. وبالرغم من الدعم الأميركي اللامحدود، إلا أن المعركة كانت محسومة للحوثيين.

واليوم، وبعد عام وشهر من معركة الأقصى، ما زالت غزة تقاوم، ونتنياهو، مع كل الدعم الخليجي والأميركي، غير قادر على التقدم أو حسم المعركة، أو على الأقل تحرير أسراه لدى المجاهدين والمقاومين من الإخوة في حماس. وهنا نعود قليلاً للوراء ونتذكر أن الجيوش العربية، بما في ذلك مصر، لم تصمد في حرب الأيام السبعة، رغم أنها دول تمتلك جيوشًا مسلحة وإمكانات كبيرة، إلا أنها منيت بالهزيمة التي لا تزال عالقة في الأذهان.

وأعتقد أن حلم الكيان الصهيوني في تحقيق مشروعه المزعوم بالشرق الأوسط أو "إسرائيل الكبرى" مع وجود الآلاف من الأحزاب الوطنية وأكثر من مليون مجاهد في لبنان وسوريا والعراق واليمن، يتطلب مئة سنة من القتال والحرب المدمرة على أقل تقدير لتحقيق هذه الأحلام الضالة، ناهيك عن تكاليف الحرب التي قد تصل إلى تريليونات الدولارات لكل بلد يحاول احتلاله. وهذا ما لا تستطيع أي حكومة إنفاقه، والجميع يعلم ما حدث في أوروبا من غلاء الأسعار وشحة الوقود والمواد الغذائية وارتفاعها الجنوني بسبب أوكرانيا ودخولها الحرب مع روسيا الكبرى.

وما نتنياهو إلا نسخة مكررة للرئيس الأوكراني، الذي أقنع أميركا وأوروبا وحلفاءها بأنه سيمحو روسيا ويقضي على الرئيس الروسي بوتين، والآن هو وأميركا والاتحاد الأوروبي والناتو في ورطة. النتيجة الحتمية هي أن الكيان الصهيوني سيُمنع من الدخول في حرب شاملة، وقد صدرت الأوامر بذلك وانتهى الأمر.

علينا ألا ننسى الضربة الصاروخية من الجمهورية الإسلامية وفعاليتها، وكيف دمرت أكثر من خمسة وسبعين في المئة من أهدافها من مطارات أو قطع عسكرية للكيان، ناهيك عن صواريخ ومسيرات المجاهدين في لبنان واليمن والعراق. إذا أراد الكيان الصهيوني تنفيذ هذا المخطط، فإنه يحتاج إلى أكثر من مليون جندي على أقل تقدير، وهذا ما لا يستطيع إعداده، خاصة بعد ضربة الجمهورية الإسلامية، حيث ارتفعت نسبة الهروب من جيشه إلى عشرين في المئة وتزداد يوميًا. وما رده المخجل على الجمهورية الإسلامية إلا دليل على وصوله إلى مرحلة الخوف وعدم القدرة على المواجهة.

وهنا يجب أن نلفت نظر المقاومين إلى أنهم اليوم أقوى، وأنه حتى إن فقدوا قادة، بإمكانهم الانطلاق بعملية برية تزلزل الكيان وتنهي خرافة "دولة إسرائيل الكبرى". أما إذا تُرك الكيان وانطلقت قوى المقاومة نحو معاهدة سلام، فسيسعى للجوء إلى مخطط خمسينيات القرن الماضي، بتبديل الحكومات وإتيان بحكومات عميلة له بلباس وطني يضعها على رأس السلطة في بلداننا، وحتى هذا قد يفشل كما فشل محمود عباس أمام إرادة وإصرار المجاهدين في حماس.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)