- ℃ 11 تركيا
- 12 ديسمبر 2024
محند أمقران عبدلي يكتب:اليوم العالمي للتطوع : فرصة لتثمين التطوع و الذكاء الإجتماعي .
محند أمقران عبدلي يكتب:اليوم العالمي للتطوع : فرصة لتثمين التطوع و الذكاء الإجتماعي .
- 5 ديسمبر 2024, 9:24:38 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مدير مكتب شمال إفريقيا لموقع 180 تحقيقات
يمثل التطوع قيمة إنسانية و إجتماعية منذ القدم ،فهو نوع من الذكاء الذي يكرس و يثمن ارتباط الفرد بالمجموعة ، بهذا المعنى فهو تجسيد لمدنية الإنسان و لكن بطريقة ذكية ،تدفع للتماسك و الترابط بين أفراد المجموعة البشرية .
بغض النظر عن السيرورة التاريخية للممارسة التطوعية ، فإن تطور مؤسسة التطوع كبنية إجتماعية جديرة بالدراسة و التتبع ،إذ تشكل معيارا مهما في حياة المجتمعات ،نقيس عليه درجات التناغم و الانسجام الإجتماعي ، و التنوع الثقافي و طرق تسيير هذا التنوع الثقافي .
إهتمت المجتمعات بهذا الفعل لما له من أهمية كما ذكرت و أصبحت مؤسسات الدولة الواحدة تعنى بالتأسيس لأنظمة تسيير فعل التطوع في المجتمع و تأطيره و تثمينه حتى اقتربت أو وصلت لصياغة مقاربات نظرية مستمدة من تراكم الممارسات التطوعية و أصبحت مقاربات تمثل ميزة أو سياسة دولة و توجهها و تفردها بمقاربة متميزة في التطوع ، نسمع كثيرا عن المقاربة السويدية ،المقاربة الكندية ،المقاربة الدانماركية، المقاربة السويسرية أو الفرنسية في التطوع ، و هي مقاربات تطورت خاصة بعد الحربين العالميتين .
التطوع أصبح مؤسسة ذات تجربة ،و الانخراط في فعل التطوع و ممارسته ،لا يقتصر على ميولات و استعدادات نفسية و اجتماعية و دينية و إنما يتقوى بالتكوين المتواصل و بممارسة التطوع العابر للأطر الجغرافية و الإجتماعية و الاحتكاك بتجارب و نطاقات تطوعية متميزة ، التطوع درجات و مستويات ، فالتطوع اليومي ليس كالتطوع المناسباتي و ليس كالتطوع أثناء الأزمات، فلكل مستوى و نوع ، تكوين و متابعة معينة .
يتعدى التطوع مانسميه فعل الخير ، التطوع أصبح تضامنا مؤسسا على قيم إنسانية و عقلانية . فالتطوع و ارتباطه بفعل التضامن على المستويات الوطنية كان حافزا مهما للدول للمضي في بلورة سياسات وطنية للتضامن و بفعل تراكمية الممارسات الطيبة في التضامن تحولت لأنظمة تضامن وطنية قائمة بذاتها .و هناك تجارب مثل التجربة الفرنسية في التضامن الوطني .
في شمال إفريقيا ،يبقى التطوع فعلا يكاد يكون ممارسة قارة لفعل الخير و مناسباتيا ، لم يتمكن فعل التطوع من التبلور و التطور في فضاءات شمال إفريقيا، رغم المقدرات الهاءلة التي تتوفر عليها هذه الفضاءات . و السبب راجع في نظري لتراجع فضاءات ممارسة المواطنة . و قلة الانسجام و التضامن و التشاور و التلاقي بين بنيات المجتمعات المدنية و مؤسسات الحكامة المرتبطة بجهاز الدولة .
و نحن نحيي اليوم العالمي للتطوع ، و جب علينا كفاعلين أن نعيد التفكير في مفهوم التطوع و ممارسته ،عن طريق دراسة سياقاتنا الإجتماعية، الثقافية و التاريخية و السياسية المرتبطة بهذه الممارسة، و الذهاب نحو هندسة تكوينات خاصة بممارسة التطوع و التوجه نحو التأسيس لسياسات وطنية للتطوع ، تثمين دور المتطوع كفاعل رئيسي في تنشيط و ممارسة المواطنة الذكية .
يتعدى التطوع حاليا الأطر الكلاسيكية أو التقليدية التي كان عليها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية خاصة ، ليصبح رمزا من رموز تواجد الدولة و المجتمع المدني داخليا و على مستوى العلاقات الدولية ،ظهرت دبلوماسية التطوع كذلك لتكرس توجهات الدول كذلك لصيانة تواجدها و حفظ مصالحها على المستوى العالمي ،إدراكا منها بالرهانات المرتبطة بالتطوع و مؤسسة التطوع .