مصطفي إبراهيم يكتب: انتصارات رمضان .. فتح الخرمية

profile
مصطفي إبراهيم رئيس التحرير التنفيذي لموقع 180 تحقيقات ورئيس تحرير موقع 180ترك
  • clock 13 أبريل 2022, 11:56:05 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الخرمية أو المحمرة هي فرقة ضالة منشقة عن الزرادشتية الفارسية  ودعت إلى الإباحية  والاشتراك في المال والنساء وأيضاً كانت تعتقد بالحلول والاتحاد  وأحيانًا يتسترون بغطاء إسلامي للمواراة والتخفي.يعتبرها بعض المؤرخين من أوائل الحركات الشيوعية في العالم

ظهرت فتنة الخرمية   سنة 201هـ في خلافة المأمون العباسي    على يد رجل اسمه بابك الخرمي     الذي أسس  "الخرمية" ،  التي واستمرت مدة 20 عاماً، وكان لها دور سلبي في إضعاف الدولة، وفتح الباب لتدخل الروم بسبب التعاون الذي قام بين بابك الخرمي والإمبراطور الروماني للقضاء على الدولة العباسية ..

وبابك هو ابن بائع دهن من أهل المدائن ،سكن أذربيجان ،وعشق أم بابك ، وفضح معها ثم تزوجها،ثم قتل وبابك ما يزال صغيرا، ونشأ الابن في هذه الأجواء ..   وكان ذا همة ونشاط وتأثير على الجماهير فتوسم فيه رئيس الإباحيين في منطقة جبال البذ 'على حدود أذربيجان وإيران' القدرة على خلافته فأوصى له بالأمر من بعده فما تولى بابك الأمر أحدث في مذهب الإباحية أموراً لم تكن موجودة من قبل بل تمثل إنقلاباً على مذهب الإباحية فأحدث الحركة والدعوة للمذهب والقتل والحرب والاغتصاب والمثلة والتوسع.

 وورثت الخرمية  البابكية الذين  ينسبون أصل دينهم إلى أمير كان قبل الإسلام اسمه شروين ويزعمون أن أباه كان من الزنج وأمه من بنات ملوك الفرس ويزعمون أن شروين هذا أفضل من كل الأنبياء وقد بنوا في مدينتهم مساجد للمسلمين يؤذن فيها المسلمون وهم يعلمون أولادهم القرآن ولكنهم لا يصلون ولا يصومون في شهر رمضان ولا يرون جهاد الكفرة.

 بدأ   بابك الخرمي في التحرك والحركة ابتداءً من سنة 201هـ عندما أخذ في السلب والنهب   فالتفت له الخليفة المأمون بعد ما فرغ من أمر الخلف مع أخيه الأمين وما تلي ذلك من الخلافات بسبب بيعة الرضا من آل محمد فأرسل له المأمون القائد بالجيوش تلو الآخر وهم لا يقدرون عليه لمكانه الحصين في جبال البذ، واستفحل أمر بابك جداً ودخل في مذهبه الكثير من أهل الجبال من همذان وأصبهان وماسبذان لذلك كان من وصية المأمون لأخيه المعتصم حين أدركته المنية والخرمية يعني الإباحية فأغزهم ذا جزامة وصرامة وجل وأكنفه بالأموال والسلاح والجنود والفرسان والرجالة.

ولما تولى المعتصم الخلافة جعل أكبر همه أن يقضي على فتنة بابك حتى لا تمتد في بلاد ما وراء النهر وسائر البلاد الفارسية فعين المعتصم قائداً عاماً للجيوش المحاربة 'الأفشين' واسمه حيدر بن كابوس وأصله فارسي واستطاع الأفشين أن يوق ببابك أول هزيمة له سنة 220هـ،  وأفلت بابك في نفر قليل من أصحابه ودخل مدينته البذ وتحصن بها وقتل من قواده وجنوده الكثير فكان ذلك فاتحة خير وتغير في مسار الأحداث لصالح المسلمين .

أرسل المعتصم قادة آخرين لمساندة الأفشين في حربه ضد بابك فأرسل بغا الكبير وجعفر الخياط في جيوش كثيرة وأموال جزيلة ولكن حصانة مدينة بابك وسوء الأحوال الجوية حالت دون الهجوم الشامل عليه، واستطاع بابك الانتصار على جيوش بغا الكبير لتسرعه وإقدامه في القتال دون خطة مدروسة، استخدم الأفشين ذكاءه في التعامل مع بابك الذي كان يكثر من استخدام الجواسيس الذين ينقلون الأخبار له أولاً بأول فاستطاع الأفشين أن يأسر بعض هؤلاء الجواسيس ثم يغريهم بالعمل لصالحه فكسب بذلك أرضاً من بابك.

حدث تطور في سير القتال عندما قضى الأفشين على أقوى قادة بابك واستولى على مدينته وأصبحت الجيوش كلها تحاصر مدينة بابك من كل مكان واستخدم الأفشين المطاولة الشديدة مع بابك حتى أصاب كلا الفريقين الضجر والملل من طول فترة القتال حتى أجبرت فرقة المتطوعين الذين خرجوا حسبة لله في القتال مطلباً للشهادة الأفشين على الهجوم الشامل على المدينة وتم فتحها بإذن الله في 20 رمضان سنة 222هـ ولكن بابك استطاع أن يفر بأمواله ونسائه وعياله إلى منطقة أرمينية فكتب إليه الأفشين بالأمان ليأتي ولكنه يرفض ذلك، وواصل بابك هروبه في غابات أرمينية من غابة لأخرى، وجنود الأفشين تطارده من مكان لآخر حتى يبقى بابك بمفرده مع بعض خواصه بعد أن تم أسر باقي من معه.

 واستطاع أحد الرجال واسمه سهل بن سنباط أن يحتال على بابك ويخدعه حتى يأمن بابك جانبه ثم يرسل ابن سنباط للأفشين فتأتي الجنود ويتم أسر بابك. ويحمل إلى المعتصم في مدينة سامرا، وتم تشهيره في المدينة بإركابه على فيل ضخم القوائم وجمع الناس لرؤيته ثم أدخل دار المعتصم وأمر المعتصم سياف بابك نفسه   بقطع رأسه وتعليقها في خراسان وصلب جسده في سامرا.

وهكذا انتهت فتنة بابك الخرمي التي استمرت اثنين وعشرين عاماً قتل فيهامائتان وخمسة وعشرون ألف  مسلم، وقد حرر الأفشين من أسره من المسلمات 7600 مسلمة، وقد أنفق في قتاله ما يوازي عشرة مليون درهم كل سنة.

ويرتبط بالخرمية فتح عمورية وهو ما سنتناوله في حلقة الغد إن شاء الله .

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)