يلمان زين العابدين اوغلو يكتب: مراكز الحوار للتواصل بين الشعوب

profile
يلمان زين العابدين هاجر اوغلو مدير مكتب 180 تحقيقات في العراق
  • clock 29 أبريل 2023, 12:59:50 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لقد حدثتنا جميع الاساطير القديمة كملحمة كلكامش و اسطورة هيروديت و معظم الاثار البابلية و الاشورية و الاكدية و حتى الفرعونية عن " تساوي بني البشر كلهم في القيمة و الحقوق والواجبات " وليس هناك عرقا افضل من عرقا ولا اصلا افضل من اصلا بسبب اللون او التاريخ او الجغرافيا او حتى بسبب الدين او المعتقد " 

ثم جائت جميع الرسالات السماوية الكبرى كاليهودية و المسيحية والاسلام لتأتي وتأمر بنفس ذلك عن طريق كتبها المقدسة التوراة و الانجيل و القرءان الكريم .
و جميع او معظم فلاسفة الارض و مفكريهم حثوا على ذلك و روجوه بقوة من خلال طروحاتهم الفلسفية و الفكرية والادبية بهذا الخصوص مثل ارسطو و افلاطون و سقراط و ماركس ولوثر كنغ و غوستاف لوبون وجاك روسو وغيرهم كثير .
 

اذن نحن هنا الان نبحث و نتدارس كيفية التواصل مع كل شعوب الارض قاطبة بغض النظر عن الدين والقومية و التاريخ والانثرولوجيا البشرية .
 

وقد اهتمت كثيرا معظم الدول العظمى والكبرى بهذه القضية ( الانسانية والاخلاقية ) المهمة ؛ وبنت مئات الجسور التواصلية مع مختلف شعوب وامم الارض المختلفة لأنشاء و تأسيس (( مجتمع انساني جامع وشامل يسع الجميع بلا استثناء )) وتأتي بريطانيا و فرنسا وامريكا في مقدمة دول العالم بهذا التوجه الثقافي و الانساني المهم والخطير بذات الوقت .والتي يصفها البعض الان بمصطلح (( الحروب الناعمة ..او حروب الضمائر )) والتي تهدف الى :
1~ تعريف بقية شعوب الارض المختلفة بهوية و توجهات الدولة الفاعلة .
2~ تقريب وجهات النظر الى ادنى حد ممكن بين شعوب الدول والامم الاخرى مع رغبات و توجهات الدولة صاحبة المركز .
3~ جعل الاعداء الاخرين اما اصدقاء مقربين او محايدين على اقل تقدير .
4~ زيادة التجارة من والى هذه الدول بعد كسب شعوبها و مثقفيها و مفكريها المهمين .
 
ولنا في ذلك امثلة كثيرة مثل معهد كارنيجا للسلام الدولي و معهد لندن للتواصل بين الدول الانكلو امريكية و معهد باريس للدول الاوسطية والافريقية و مركز موسكو للدول الاسلامية وغيرها كثير جدا .
وقد حققت هذه المعاهد والمراكز نجاحات ايديولوجية وسياسية وثقافية واقتصادية أكثر بعشر مرات مما حققته الحروب الاستعمارية و التوسعية الكبرى **

●  كيف تؤسس و تعمل هذه المراكز   ●

في الحقيقة واصلها ان الاقدام على تأسيس مثل هكذا معاهد و مراكز متخصصة للتواصل بين الشعوب والدول ليس بالامر السهل مطلقا ؛ فلطالما فشلت وتعثرت مئات المراكز و المعاهد هذه في عملها بعد فترات قصيرة من تأسيسها .وذلك لأفتقارها الى عامل او عاملين او اكثر من عوامل نجاحها و ديمومتها الفكرية و الثقافية و المنهجية .
 
ولكننا سنبحث ونحدد هنا عوامل نجاح هذه المراكز و المعاهد المتخصصة والضوابط العامة والخاصة الواجب توفرها لنجاح مهمتها الكبرى على افضل صورة واحسن وجه وكالاتي :

1~ وجود مبنى حديث في منطقة حيوية لاتقل مساحته عن 600 متر مربع .ويحتوي على غرف وصالات وملحقات صحية متكاملة .
2~ ان لايقل عدد العاملين فيه عن 25 او 30 عنصرا على اقل تقدير .
3~ ان يكون هؤلاء الموظفين والعاملين في المعهد المذكور يمثلون كافة اطياف وفئات المجتمع المختلفة ولا يقتصر على فئة معينة بذاتها و طائفة معينة بذاتها .
4~ ان يتمتع هؤلاء الموظفين بثقافات عالية في كافة الاختصاصات الادبية والانسانية والاجتماعية والفنية ؛ ويستطيع كل واحد منهم ان يرسم الطرق والاليات الخاصة للتعامل مع كل شعب او امة بصفاتها وتوجهاتها العامة بكل وضوح و حرفية و دراية . 
5~ ان تكون هناك مرتبات مجزية للعاملين فيها ؛ فليس من المعقول ان يشكو الموظفين و العاملين من شظف العيش و العوز المادي والاقتصادي ويطلب منهم الابداع .
6~ ان لايكون الموظفين والعاملين متعصبين لأيديولوجية دينية او طائفية معينة ؛ بل يجب ان يكونوا على مقدرة عالية من التسامح مع الاخرين و التحاور معهم بكل ديمقراطية و حرية في كافة مناحي الحياة المختلفة .
 
هذه هي اهم السمات العامة والخاصة للبدايات والاسس الاولى لتأسيس معهد او مركز متخصص للتواصل الجماهيري المثمر والايجابي .
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)