- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
إسرائيل بعد 40 يوما من العدوان: نهاية نتنياهو وتفكك حكومته واستحالة حسم الحرب
إسرائيل بعد 40 يوما من العدوان: نهاية نتنياهو وتفكك حكومته واستحالة حسم الحرب
- 15 نوفمبر 2023, 2:15:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد 40 يوما من العدوان الإسرائيلي على غزة، تواصلت خسائر حكومة الاحتلال من عملية طوفان الأقصى، التي بدأت بخسائر عسكرية واستخباراتية لدولة الاحتلال ورئيس حكومتها بيبي نتنياهو، لكنها لم تتوقف عند ذلك.
ورغم وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة، إلا أن الحرب التي أطلقها نتنياهو ليرمم صورته وصورة حكومته ودولته، انقلبت وبالا عليه، مع تزايد حالة الاستقطاب السياسي والشرخ المجتمعي، عمّقته خطة الحكومة لإجراء تعديلات على الجهاز القضائي.
ولم تفلح محاولات نتنياهو بالقفز إلى الإمام، هربا من تحمل مسئولية الفشل الكبير يوم 7 أكتوبر، كما لم تنج خطته بتشكيل حكومة طوارئ قومية في محاولة ليعكس للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي أنه لا يزال يمسك بزمام الأمور، وأن لديه خطة للتعامل مع الهزيمة المذلة.
لكن مالم يقله نتنياهو، ولن يقوله أبدا، أن خطته تعتمد فقط على ارتكاب جرائم حرب في غزة، بدعم وغطاء أمريكي غربي، كما لن يعترف أبدا أن خسائر جيشه من الحرب تفوق بأضعاف ما يتم الإعلان عنه، وهو ما تسبب في اندلاع الخلافات بين الحكومة القومية التي تشكلت لتظهر إسرائيل على قلب رجل واحد، بينما عناصرها تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
خلافات حكومة الطوارئ
من الأيام الأولى للعدوان، كشفت لقطات كثيرة لقادة حكومة الطوارئ و"كابينت الحرب" عن وجود خلافات ما بين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، بشأن المسؤولية الشخصية للفشل والإخفاق، والتناغم مع الإدارة الأمريكية والحصول على الدعم الدولي للحرب، وهو الدعم الذي بدا يتآكل وسط خلافات وبوادر صدام بين نتنياهو وإدارة الرئيس جو بادين.
كان ذروة التعبير عن الخلافات هو الانتقاد العلني من نتنياهو خلال المعارك والتوغل البري، القيادة العسكرية وتحميلها مسؤولية الإخفاقات، وهذا الطرح الذي قوبل برد حازم ومدافع من قبل غانتس وغالانت، وهو ما يشير إلى أن حكومة الطوارئ غير موحدة، ويعكس حالة الضبابية وتباين المواقف بشأن سير الحرب وتطور المعارك البرية في ظل ملف المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
بدوره، قال المحلل السياسي عكيفا إلدار، إن إسرائيل دخلت المعركة البرية في غزة على مضض، إذ أجبرتها معركة "طوفان الأقصى" على خوض معركة طالما تعمدت خلال الجولات القتالية السابقة ترحيلها، وذلك بسبب الشكوك التي راودت المستوى السياسي باستحالة حسم المعركة، وهي ذات الشكوك التي أثارت المستوى العسكري بشأن مستقبل غزة الأمني والعسكري، إذا نجح سيناريو تفكيك قدرة حماس العسكرية.
وأوضح "إلدار" أن الخلافات السياسية في إسرائيل ستطفو على السطح وبشكل واضح فور انتهاء الحرب، التي يسعى نتنياهو لإطالة أمدها والإبقاء عليها مشتعلة على فتيل نار خافت، وذلك لضمان البقاء على كرسي رئاسة الوزراء، كما أنه على استعداد ليصطدم بإدارة الرئيس بايدن إذا كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل لإنهاء الحرب.
هاجس توقف دعم الغرب
من أكبر الهواجس المسيطرة على التحليلات والمسؤوليين في إسرائيل، هو اقتراب موعد توقف الدعم الغربي وحتى الأمريكي، في ظل الحراك الشعبي حول العالم المندد بالحرب الإسرائيلية على غزة والمناصر للشعب الفلسطيني.
وفي هذا الصدد، كشف القنصل الإسرائيلي السابق بنيويورك ألون بينكاس، في مقال له بصحيفة "هآرتس"، أن إدارة بايدن تمارس ضغوطاً على نتنياهو لوقف إطلاق النار، وقد يرتفع هذا السقف إلى حد المطالبة بإنهاء الحرب، وهو ما قد يدفع رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الدخول بصدام مع واشنطن، ليس من أجل تحقيق أهداف الحرب، بل من أجل مصالحه السياسية الشخصية.
فيما قال الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب غلداد شابيت، إنه رغم الدعم الأمريكي لإسرائيل، إلا أنه يجب على إسرائيل تجنّب اعتبار الصبر الأمريكي أمرا مفروغا منه، ويجب أن تأخذ في الاعتبار أنه في وقت معين، وربما قريبا، لن تكون الساعة السياسية الأمريكية والساعة العسكرية الإسرائيلية متزامنتين.
وأكد شابيت، في تصريحات صحفية، أن حكومة اليمين برئاسة نتنياهو فاقدة للشرعية، بالذات في حالة الطوارئ والحرب، فهي فاشلة وعاجزة عن القيام بمهامها وخدمة المدنيين، لكن رغم ذلك ستبقى تصارع البقاء، وتتحدى أحزاب المعارضة التي تتعاظم قوتها خلال الحرب وأصبحت مرشحة للفوز وتشكيل الحكومة المقبلة في حال أُجريت انتخابات مبكرة.
وتحدث المحلل السياسي عن وجود بوادر معارضة لنتنياهو حتى داخل حزب الليكود، الذي ليس من المستبعد أن يتمرد على زعيمه ويطيح به، خصوصا مع تعالي الأصوات المعارضة للحكومة التي فشلت في تلبية احتياجات المواطنين، وتراهن في ملف المحتجزين الإسرائيليين لمصالح سياسية ضيقة، علما أن 66% من الجمهور الإسرائيلي يؤيد الذهاب إلى انتخابات مبكرة فور انتهاء الحرب.
مستقبل الحرب البرية.. رؤية إسرائيلية
لم يكن الاجتياح البري "أو المناورة كما تسميها إسرائيل" بأفضل حالا من أوضاع نتنياهو وإسرائيل نفسها، بل يمكن القول إنها أكدت الشكوك التي راودت إسرائيل خلال الجولات القتالية على مدار عقد ونيف، بشأن صعوبة حسم المعركة البرية في غزة، في ظل المعارك الضارية التي تخوضها المقاومة الفلسطينية مع قوات الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة.
وانطلاقا من ذلك، قال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل: "صحيح، لا تزال إسرائيل بعيدة عن إخضاع حماس، وعلى ما يبدو، فإن رئيس الحركة يحيى السنوار موجود تحت الأرض في شبكة الأنفاق بمكان آمن، ولا ينوي أن يأمر رجاله بوقف القتال".
وتحدث المحلل العسكري عن 3 مشاكل رئيسية قائمة بالنسبة لإسرائيل ومتعلقة بمعركة التوغل البري:
إذ إن التفوق العسكري لا يُترجم إلى استسلام حماس التي تحارب بشراسة.
كما أن الجيش الإسرائيلي شبه خامل في جنوب قطاع غزة، حيث تم دفع المدنيين للنزوح، وسيتعين عليه حساب وجودهم لاحقا، خاصة وأن الوضع الإنساني هناك يزداد سوء، ومن المتوقع أن يصبح أكثر تعقيداً مع قدوم الشتاء.
كما أن هذه الحرب أُفتتحت بتفوق كبير لحماس في عمليات "طوفان الأقصى".
إسرائيل وملف الأسرى
من ضمن حالات الإجماع في أروقة التحليلات الإسرائيلية، تلك الخاصة بموقف رئيس الوزراء من ملف الأسرى، إذ ترى تحليلات عدة أن نتنياهو يناور ويراوغ في مفاوضات المحتجزين الإسرائيليين، على اعتبار أنه ليس على استعداد لدفع ثمن صفقة تبادل أسرى، خشية المساس بمستقبله السياسي، ومن ثم لا يزال يروج لخروجه إلى الحرب من أجل تحرير المحتجزين.
وهذا الطرح عبّر عنه المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، الذي أوضح أن مفاوضات تحرير المحتجزين وصفقة التبادل تتقدم ببطء، رغم اتساع المطلب الشعبي بإسرائيل الداعي للتوصل إلى صفقة، وإن كان الثمن باهظا.
ويعتقد برنياع أن رئيس حماس يحيى السنوار هو الذي يتحكم ويوجّه المفاوضات، بل يسيطر أيضاً على الدعاية والسردية في هذا الملف، إذ يريد الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين على مراحل، وذلك لضمان فترات أطول لوقف النار، ولتحرير المزيد من الأسرى الفلسطينيين على مجموعات وبشكل متدرج.
ملامح نهاية الحرب
مهما كانت نتائج الحرب التي ستنتهي عاجلا أو آجلا، بسبب تراجع الدعم وتآكله حتى من قبل واشنطن، يقول محلل الشؤون الإستراتيجية والأمنية في موقع "واللا" الإلكتروني أمير أورن "حتى لو سُجل في الحرب إنجاز إسرائيلي، فلن يكون كافيا للتغطية على الفشل في التحذير ومنع الهجوم المفاجئ الذي شنته كتائب القسام على "غلاف غزة" والجنوب في السابع من أكتوبر الماضي".
كما يرى أورن أن نتائج الحرب على غزة لن تغطي على هزيمة حكومة إسرائيل ورئيسها نتنياهو في معركة "طوفان الأقصى"، في حين يرى بالمقابل أنه "حتى لو لم يعش رئيس حماس السنوار ليرى نهاية الحرب، فإنه نجح في هزيمة الحكومة الإسرائيلية، وجعل نتنياهو يقلّص إسرائيل التي تم إفراغ سكانها من النقب الغربي والجليل الشمالي، في أكبر عملية نزوح داخلي تشهدها منذ حرب 1948"
ويعتقد أورن أن حكومة نتنياهو لا يمكنها أن تتحدث عن أي إنجاز أو انتصار، وهي تتحمل مسؤولية الفشل، ومن ثم قد تتفكك بعد نهاية الحرب، لأن القائد السياسي هو المكلف بدراسة الوضع الأمني بعمق، أو على أقل تقدير "الحفاظ على قوة وعظمة" إسرائيل، وهو بالضبط ما لم يفعله نتنياهو منذ أن أدت حكومته اليمين الدستوري حتى 7 أكتوبر الماضي.