- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: عمليات المقاومة وفشل المنظومة العسكرية الإسرائيلية
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: عمليات المقاومة وفشل المنظومة العسكرية الإسرائيلية
- 4 سبتمبر 2023, 1:57:38 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رغم كل المحاولات المحمومة من جانب المنظومة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، وفي مقدمتها جهاز الأمن العام الإسرائيلي، "الشاباك"، للتغطية على فشل تلك المنظومة المتتالي خلال الايام الاخيرة، وموجة العمليات النوعية للمقاومة نقلتها من موقع الدفاع إلى الهجوم ، الأمر الذي زعزع ثقة الشارع الإسرائيلي بقدرة منظومته الأمنية على توفير "الشعور بالأمن"، في ظل حكومة يمينية متطرفة طالما دعت إلى ممارسة المزيد من العنف ضد الفلسطينيين.
لذلك، وضعت المنظومة العسكرية والأمنية للاحتلال الإسرائيلي استعادة الشعور بالأمن لدى المستوطن في "إسرائيل" هدفاً مركزياً لها في هذه المرحلة، أن المؤسسة الأمنية - من جيش الاحتلال الإسرائيلي و"الشاباك" والشرطة الإسرائيلية تسعى إلى توظيف كل الوسائل المتاحة لها لإعادة الأمن إلى الشارع في إسرائيل و الضفة الغربية المحتلة و إلى عودة الشعور بالأمن لدى الجمهور .
وهنا، تجدر الإشارة إلى تعالي الأصوات الغاضبة في الشارع الإسرائيلي على كل من جهاز "الشاباك" و الشرطة الإسرائيلية على ضوء إخفاقاتهما المتكررة .
يقولون في العمل الاستخباري، لا يوجد ولا يمكن أن يكون النجاح بنسبة 100% لكن، على الرغم من كل ذلك، فإنه بات يبرز سؤال مركزي لدى الإسرائيليين عن ماهية الأسباب الحقيقية التي تقف وراء فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية في مواجهة العمليات الفدائية، على الرغم من كل ما تملكه من إمكانات بشرية وتكنولوجية ومالية؟
ويبذل الإعلام الإسرائيلي الموجَّه جهداً كبيراً في زيادة ثقة الشارع الإسرائيلي بالمنظومة الأمنية، من خلال تقديم تبريرات لهذا الفشل، والتقليل من حجم الإخفاق في منع العمليات الفدائية في الآونة الأخيرة ، لكن الإعلام الإسرائيلي، ومن خلفه المستوى الرسمي، لم يعترفا بأن هناك خللاً بنيوياً وأخطاءً داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تقف وراء ذلك الفشل المتكرر، أهمها:
عدم قدرة المنظومة الأمنية الإسرائيلية على فهم العقلية الفلسطينية بالصورة السليمة، وخصوصاً مع تنامي الفوقية والعنصرية الصهيونية، في شقَّيها العلماني والديني، الأمر الذي يؤدي إلى عدم استطاعتها استشراف السلوك الفلسطيني في المستقبل .
لقد وقعت المنظومة الأمنية الإسرائيلية في فخ الترهل والغرور اللَّذَين كانا سبباً في عدم مواكبة التطورات الحادثة في السلوك الفلسطيني بالصورة الصحيحة.
وفي أعقاب رابع عملية تنفذها المقاومة في الضفة الغربية، والتي تمثلت في عملية دهس لعدد من المستوطنين، بعد عملية دهس أخرى جنوب الضفة، وطعن في القدس وتفجير عبوة ناسفة في نابلس أسفرت عن إصابة عدد من الجنود.
جاءت هذه الضربات لتحمل رسالة واضحة أنه لا أمن للمحتل طالما يحتل الارض ويعتدي على المقدسات ، و أن هذا التصاعد في الفعل المقاوم في الضفة الغربية يؤكد أن المقاومة تزداد حضورا وتأثيرا، وأن الاحتلال سيبقى عاجزًا عن إيقافها بالرغم من كل جرائمه .
وان عمليات المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية في ضوء ما شهدته الضفة من زيادة وتيرة العمليات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية، تؤكد فشل سياسة القبضة الأمنية التي تتبناها حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية بما تضمنته من عمليات توغل واقتحام للمدن والمخيمات.
و دائما ما يتغاضى الاحتلال أو يسعى لإخفاء جوهر المشكلة الحقيقي عن الجميع ، وهو وجود الاحتلال و أدواته والقمع بكل الوسائل لمن يسعى للخلاص منه، وان حكومة كهذه لا تملك اي برنامج سياسي يسعى لإنهائه بل على العكس تسعى لترسيخ الاحتلال و توسيع الاستيطان مما يدفع الفلسطينيين إلى فقدان الأمل في أي حل سياسي قادم واللجوء إلى المقاومة بكل الوسائل.
و هنا تكمن الخلاصة المهمة في كون الضفة الغربية اليوم تشكل أعقد مسائل الأمن الإسرائيلية، وأهمية هذا التعقيد أنه غير ناتج عن فشل استخباري، فالشاباك حاضر في كل قرية وحي تقريبا بحكم الاحتلال المتحكم في كل مفاصل الضفة منذ أكثر من 50 عاما كما أنه تعقيد لم ينشأ عن تراجع القدرة العسكرية للاحتلال، ولا رغبته في القتل المتواصل أصلا كل يوم بحق الفلسطينيين. ولكنه تعقيد يبرز من حقيقة تقررها الفيزياء مفادها أن الأكثر تصلبا هو الأكثر هشاشة.
الكاتب الإسرائيلي عوديد شالوم في صحيفة "يديعوت أحرنوت" كتب قبل أيام قائلا، "هكذا تكون صورة الوضع بعد أكثر من 56 سنة ، منذ الانتصار الأكبر عام 1967: نجحت إسرائيل في أن تدق أوتادا عميقة على طول وعرض الضفة الغربية، إذ أقامت مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وأسكنت فيها أكثر من نصف مليون إسرائيلي ، إذ تتحكم إسرائيل بالمجال الجوي وبالحدود البرية، وتتحكم بمصادر المياه، وبالمجال الخليوي وبشبكة الكهرباء، وشقت منظومة طرق منفصلة لليهود، وفي الغالب يتحرك الفلسطينيون بين القرى والبلدات في طرق قديمة بين المدن، حيث لا يوجد يهود. للشاباك سيطرة استخبارية عميقة في القرى والمدن، ويوظف الجيش قسما كبيرا من قواته البرية في الدفاع عن المحاور، والمفترقات، والمستوطنات، ومع كل هذا لم يتحقق الأمن، كما أنه لن يتحقق… فلإصرارنا على الاستيطان في أرض ليست لنا لندفع هناك ثمنا كبيرا ".