- ℃ 11 تركيا
- 19 يناير 2025
الدكتور إبراهيم جلال فضلون يكتب: العالم ليس مصنوعاً من لونين؟!
الدكتور إبراهيم جلال فضلون يكتب: العالم ليس مصنوعاً من لونين؟!
- 18 يناير 2025, 6:40:35 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"إن العالم عبارة عن قوس قزح - فهو ليس مصنوعاً من لونين"، هكذا قال رئيس أنغولا جواو لورنسو، ولعل كل الرهانات الصعبة معلقة على لحظة جلوس ترمب داخل البيت الأبيض، كما أن خرائط العالم تنظر يمنياً ويساراً في حالة ترقب وحذر، لترامبي يناير القادم ما بعده -والله أعلم- لأربع ينايرات، في ارث دموي بأشكال سلام مُزمع، لم تُحققه الولايات المتحدة أبداً، ولن تُحققهُ وهي تعبث بعالمنا بالحروب، والفوضى، والقلاقل، والاضطرابات، تحت أيقونة عصر القطب الواحد، وهو ما يُعيدنا لذاكرة "السلام الروماني أو باكسرومانا"، الذي أشاعته الإمبراطورية الرومانية، ما قبل وما بعد الميلاد، والذي استمر قروناً طويلة، أثناء هيمنة الرومان على مفاصل العالم القديم.
إن مفاتيح ترامب السابقة في 2017، غابت لتحضر شياطينها في 2025، في نسخة معدلة، وجهاً أكثر حدة وفكراً صداميًا عما مضى، مختاراً فريقهُ اللا إنساني أو اللا معروف بإنسانيته، كل منهم له تجارب سيئة في مجاله، ليكون الامتحان أصعب وأشد ليس في الخارج، بل في الداخل الأميركي. فعكس كل مَن سبقوه من الرؤساء الأميركيين، يصرّ ترامب على مَن اختارهم لتولي المناصب الرئيسة في إدارته، على أن يكون ولاؤهم له شخصياً، مُعلناً أكثر عن ميلاد أدهاهم عقلاً ودهاءً قد يلفح به هو للنسيان، إنه ايلون ماسك، واقفاً على أبواب مرحلة انتقالية جديدة، مبدأها لا حلول وسط بل قطع رقاب بدأت من الداخل الأمريكي وتصفيه حسابات معلناً (بايدن يُصعب تسليم السلطة)، وكأنه تمهيد للمُحاسبة، مما دفع شخصيات مهمة مثل رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية للاستقالة من منصبه، وجعل كثيرين يمهدون لما هو آتٍ.. ملتفتاً لعجزة أوروبا، وتهديدات أعضاء الناتو إما زيادة الميزانيات الدفاعية ب 5% من الناتج المحلي، أو الانسحاب من الحلف، ليزيد مخاوف الأوروبيين الحقيقية على المستويين الاقتصادي والأمني.. بفرض ضرائب ورسوم جمركية على المكسيك وكندا والمطالبة بأراضي غرينلاند مما أثار الدنمارك وجعلها ترفع احتياطاتها الدفاعية، ومطالبته باستعادة قناة بنما إذا لم تخفض رسوم العبور فيها..
لقد اشعل الساكن الأخر والقنبلة البشرية القادمة للهلاك العالمي مستر (x) أيلون ماسك، أوروبا وقد رأينا تأثيره في الانتخابات الأخيرة، وتهديداته العلنية لأوروبا، بتدخله في الشأن الأوروبي وعلمانيته واتهام ماكرون له بالتدخل في الانتخابات الفرنسية، ووصفه الملياردير الأميركي المستشار الألماني شولتس بـ"الأحمق" والرئيس الفيدرالي الألماني بأنه "طاغية غير ديمقراطي"، لأن ماسك قد أشاد مراراً وتكراراً بحزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للهجرة، ليجد العالم نفسهُ أمام ساكنين غريبي الأطوار من أخطرهما الأن؟!، لكن التوقيت الآن يختلف عن توقيت المرة الأولى، فالعالم يفقد عقلهُ لما ينتظره بما لا يمكن التنبؤ لما سيفعلهُ ترامب، وماسك في سباق تصفية الحسابات، وكأننا في مصارعة لا محترفين فيها على المسرح الدولي إلا للأقوى في لكمات مُتبادلة على نظام عالمي جديد لا يزال يبحث عن هويته.
ولم ينسي الصينية، فهي الأخرى، ليس في وضعٍ أفضل، وإن كان مرت بتجربة امتحان سابق وصعب، في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس ترامب خلال الأعوام 2016-2020.. وما ألت إليه من العقوبات التجارية، ودول البريكس، فهددهما لأسباب واعتبارات مختلفة، وفي الوقت نفسه وجه الدعوة إلى الرئيس الصيني لحضور حفل تنصيبه على رغم أن بكين المنافس الأول لبلاده، ولا الشرقية، بدءً من أوكرانيا، الأخطر، لأن أحد أطرافها الدب الروسي وقوته النووية، ليقف الشرق الأوسط في طابور الدم وتداخل الأزمات، بدأها بالتهديد لحماس دون النظر لأبرياء غزة، ونظرته المستقبلية لسوريا وجماعاتها، وما سيجده الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين من قراراته الهوجاء، وصولاً للمأزق الإيراني في سياق التصعيد أو التفاوض، بينما يُسارع المستغلون أصدقاء ترامب في تركيا وإسرائيل إلى توسيع نفوذهم قبل وصوله لتثبيت مواقفهم وطلباتهم تجنباً لأي ضغوط من جانبه، لتقف مصر السد المنيع أمام الإدارة الترامبية بالقارة الإفريقية.
وفي النهاية: ما ينتظره العالم من ترامب، هو إطفاء الحرائق التي أمسكت بتلابيب الخرائط، لأن الجميع يرتعد ويُسارع الخُطى للاستعداد لما هو آت، وعلينا كعرب أن تكون خطواتنا مدروسة بين (التحفظ والرفض) لأية قرارات بل وأية تجاوزات، والاستعداد بالحجج المضادة للطروحات المتوقعة، واضعين أمننا العربي القومي أمام أعيننا ضد المتربصين لاسيما الإخوان والتنظيمات الإرهابية دون أن ننسي قضيتنا الأولى وأهل غزة الأبطال فلنقوى ببعضنا.