- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
القارىء الزاهد والشيخ المعلم .. محمد سلامة
القارىء الزاهد والشيخ المعلم .. محمد سلامة
- 6 مايو 2021, 10:28:37 م
- 1262
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
*نبغ في التلاوة مبكراً ورفض القراءة في الإذاعة فترة طويلة
*شارك في ثورة 19 واستقر بفلسطين فترة من الزمن
*تتلمذ على يديه قراء مشهورون وسكنوا بداره منهم صديق المنشاوي وكامل يوسف البهتيمي
الشيخ محمد سلامة (1899 - 1982) قارئ قرآن مصري ويعد أحد أعلام هذا المجال البارزين، من مواليد مدينة مسطرد التابعة لمحافظة القليوبية في مصر.
.درس في جامعة الأزهر وكان من الذين يحفظون القرآن، أصبح قارئا في سن مبكرة.. حارب في الثورة المصرية عام 1919 ضد البريطانيين..
واستقر في فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى، قبل أن يعود إلى مصر في الثلاثينيات من القرن العشرين.
وهبه الله له نعمة الصوت العذب، ومنحة القبول لدى المستمعين، وعاش طوال عمره في خدمة القرآن الكريم، وكان واحداً من قراء الرعيل الأول في مصر، برع في أداء التلاوة القرآنية، وكان ثاني قارئ بعد الشيخ محمد رفعت يربط النغمة مع المعنى.
رفض الشيخ سلامة قراءة القرآن في الإذاعة لأنه كان يعتقد أنه محرم، حتى عام 1948 حيث تراجع الشيخ عن فكرة تحريم التلاوة في الإذعة وبدأ يسجل تلاوات قرآنية استمرت حتى وفاته. في عام 1937 شارك في مؤتمر قراء القرآن الذي أدى إلى إنشاء رابطة القراء.
والشيخ سلامة واحد من أعذب الأصوات التي تعاملت بصدق شديد مع تلاوة القرآن، ورغم ذلك كانت لديه قناعة بعدم التلاوة في الإذاعة لاعتقاده بحرمانية الأمر وعدم جوازه، إلا أنه حقق نجاحًا كبيرًا على الأرض وبين جمهور الكبير.
و من فرط صدقه في التعامل مع تلاوة القرآن الكريم هو أنه سخر أعضائه وجوارحه لخدمة التلاوةن لدرجة أن كان يقرأ القرآن وهو جالس على ركبتيه كأنه يصلي، وما أن ينتقل من طبقة القرار المنخفضة لطبقة الجواب العالية يقوم واقفًا.
كان الشيخ سلامة معتزًا بنفسه ومدركًا لدوره المهم في التلاوة وهذا جعله خلال حتى مراحله الأولى في التلاوة أن يقرأ في ليالي وعزاءات دون مقابل حبًا في التلاوة والدور الذي يقدمه، ومن هذا أيضًا مشاركته في ثورة 1919 التي يعتز بها.
وكان الشيخ واضحاً وصادقاً في عقيدته إلى أبعد حد، وكان في أدائه متحفظاً في لفتاته وإيماءاته، يتجاهل تعليقات الإعجاب، ينصرف عن أولئك الذين يأتون إليه ليقبلوا يده،
أو ليمدحوه، وعندما يقرأ قارئ آخر كان الشيخ سلامة يستمع إليه مغمضاً عينيه وخافضاً رأسه.
وفي سنة 1947، كان الشيخ سلامة والشيخ مصطفى إسماعيل يحييان ليلة في حي عابدين، وبعد أن قرأ الشيخ سلامة ما تيسر من سورة الحج، جاء الشيخ مصطفى وقرأ ما تيسر من سورة هود،
ثم أراد أن يختم الليلة بقراءة قصار السور، وتدخل بعض ذوي الشأن، وصعد الشيخ سلامة على الأريكة، وظل يقرأ ويبدع دون توقف أكثر من سبع ساعات، حتى سمع آذان الفجر من مسجد مجاور.
وفي أحد المواقف التي تبين اعتزازه بنفسه، وهو يتلو القرآن في عزاء، وبدأ الناس ينصرفون خلال التلاوة، فأوقف القراءة وأعطاهم درسًا في احترام الإنصات للقرآن الكريم.
لم يتخل الشيخ سلامة عن موقفه من القراءة في الإذاعة لسنوات طويلة، حتى أنه رفض كذلك القراءة في إذاعة فلسطين بعد العرض عليه وهي كانت قبلة القراء العرب جميعهم،
حتى عام 1947 عندما غير قناعاته مع مرور الزمن ودخل إلى الإذاعة أخيرًا، وكان هناك عدد من القراء أيضًا يتخذون نفس موقفه من المتناع عن التلاوة بالإذاعة قبل أن تصدر فتوى بجواز قراءة القرآن فيها لإيصاله لكل الناس.
كان الشيخ يقرأ ويُعلّمُ القرآن ومِمَّن تَتَلمذَ على يديه وتأثَّر به من القراء كامل يوسف البهتيمي ومحمد صديق المنشاوي، وكلاهما عاش ودرس في منزل الشيخ سلامة فترة من الوقت.
عاصر القارئ محمد سلامة الفترة الذهبية لعصر التلاوة، ونال شهرة واسعة رغم أنه لم يقرأ في الإذاعة أول الأمر،
قال عنه الكاتب محمود السعدني في كتابه «ألحان السماء»: «عاصر الفترة الذهبية لعصر التلاوة أيام الشيخ علي محمود وغيره، ونال من الشهرة ومن المجد مالم ينله مقرئ من قبل حتى ولا الشيخ أحمد ندا.
وتوفي الشيخ سلامة عام 1982، وظل طوال حياته يعيش في حارة ضيقة بمنطقة العباسية بالقاهرة، وقد رحل وترك خلفه تراثاً كبيراً من التسجيلات القرآنية التي سجلها على مدار 30 عاماً.