بشارة مرهج يكتب: في ذكرى كمال جنبلاط

profile
بشارة مرهج نائب سابق وسياسي لبناني
  • clock 16 مارس 2025, 2:05:45 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

باستشهاد كمال جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والقائد الوطني المرموق، خسر لبنان والعروبة شخصية سياسية وثقافية لا تعوض، إذ كان جنبلاط، مع تمسكه بوحدة لبنان واستقلاله، داعية للوفاق العربي مؤمنا بفكرة الاتحاد بين الدول العربية عاملا على تحقيقها بالتحالف مع الحركة الناصرية وقائدها الكبير جمال عبد الناصر.

كان جنبلاط يدرك بأن الاتحاد هو خشبة الخلاص للعرب الذين فرقهم الاستعمار وجعلهم منشغلين بطوائفهم بدل العمل على تحقيق وحدتهم. وكم كان يوحي ويجاهر في كتاباته السياسية أن الوحدة العصرية الديمقراطية تؤهل العرب للسيطرة على مواردهم وثرواتهم، وتجعلهم أقوى بمواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني الذي لم يوقف محركاته يوما عن زعزعة استقرار المنطقة العربية ومحاولة السيطرة عليها والعمل على تقسيمها وإضعافها واستتباعها، دون أن ينسى لحظة ضرورة تسليط المرتبطين به عليها فيكونوا أسيادا على أبناء جلدتهم وخدما على موائده المترعة بثمار الأرض التي يستعمرها.

إلى ذلك، أدرك كمال جنبلاط أهمية وضرورة تعزيز الأواصر بين بلدان العالم الثالث والبلدان الاشتراكية والأمة العربية على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بغية تحصين العملية التنموية ومواجهة تدخلات الرأسمالية المتوحشة التي تعيش على حساب الشعوب. ولثباته على مواقفه الوطنية والتقدمية، ٱنتخب جنبلاط أمينا للحركة الوطنية وأصبح مرجعا عربيا وشخصية عالمية يرفع علم لبنان والعرب عاليا في كل مؤتمر يرأسه أو يشارك فيه.

واذكر يوم ذهبنا إلى العراق سويا عام ١٩٧٣، أنه بذل جهودا كبيرة للتوفيق بين بغداد ودمشق وبين بغداد والإخوة الأكراد استعدادا لحرب تشرين التي كانت تلوح في الأفق. كمال جنبلاط يمثل الصفاء والالتزام في الحياة السياسية اللبنانية التي رفع من شأنها وهي المترعة بالرياء والنفاق والاستتباع.

تبقى ذكراه الطيبة حافزا لإرساء حياة سياسية عصرية صالحة منتجة تليق بالشهداء وبهذا الوطن الحبيب الذي أراده جنبلاط، الزعيم الوطني المستقل، وطنا حرا قويا لكل أبنائه وليس لحفنة من المصرفيين والرأسماليين والاقطاعيين الذين أبهرهم المال الحرام وانساقوا في دروب التسلط والاستبداد.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)