د .خليل الخوري يكتب: مورغان ارتاغوس لماذا اختارت منبر القصر ؟

profile
د خليل الخوري كاتب وصحفي لبناني
  • clock 7 فبراير 2025, 4:52:54 م
  • eye 60
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
مورغان ارتاغوس

لا جديد في الموقف الأميركي من حزب الله الذي أعلنته ، صباح أمس ، من على منبر القصر الجمهوري ، السيدة مورغان أرتاغوس ، نائبة الموفد الأميركي الخاص الى الشرق الأوسط ، وتضمن حملة غير مسبوقة على الحزب .


ان تعتبر الدمية الأميركية الجميلة ان حزب الله خسر الحرب ، وأن توجِّه اطيب الشكر والامتنان الى حليفتها اسرائيل التي هزمت الحزب ، بحسب ما قالت ، وان وان الخ ... فهذا لا يقدٌم جديداً ، ولا يضيف شيئاً على الخطاب السياسي الأميركي قبل عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض وبعدها .


ولكن الجديد هو في الوقاحة البالغة التي استخدمتها هذه السيدة التي تبدو من ليّنات الملامس ولكنها تحمل في طيّاتها خشونة نأذن لنفسنا أن نقول إنها مرفوضة جملة وتفصيلاً ، وأيضاً في الأسلوب الخالي من أي لياقة أو ديبلوماسية ، لاسيما عندما رأت ان من حقها أن تتدخل في شؤوننا الداخلية (أو المفتَرَض أنها شؤون داخلية ، لو تدرون) ومن أبرزها شأن التشكيل الحكومي .


صحيح أن أحداً لا يجهل الدور الخارجي "على المكشوف" في استحقاقتنا الكبرى ، ولكن أن تعلن الموفدة الأميركية عمّا بدا أنه قرار أميركي باستبعاد فريق لبناني له حضوره الكبير في مجلس النواب ، ونكرّر : أن يأتي هذا الإعلان من على منبر القصر الجمهوري ، فهذا يسيء الى الموقع الأرفع في لبنان ، وفي تقديرنا ان الرئاسة الأولى حسناً فعلت بالتوضيح الذي صدر عنها حول عدم علاقتها في هذه الانشودة الأميركية النشاز . 


ولكن يجب التأكيد على أن ارتهان أهل السياسة عندنا الى الخارج ، بشكل فادح وفاضح ، ليس وليد اللحظة المورغانية ، بل هو (ونقولها بألم كبير يلامس الحزن) نتيجة تراثٍ مخزٍ ، منذ ما بعد الحرب ، يوم حلّ علينا طاقم سياسي لا هم لأهله القبضايات سوى الوصول الى السلطة وتحويلها (بالفساد) الى مكاسب ذاتية راحوا يتقاسمونها مع الوصاية السورية في أبشع ما تكون عليه الوصاية والانتداب . لذلك لا يفاجئنا ما نراه اليوم ونحن نذكر ما جرى ، في ماضٍ غير  غير بعيد ، من "تعيين" الرؤساء عندنا بتصريح موجز أدلى به الرئيس الراحل حافظ الأسد من على متن الطائرة الرئاسة السورية للوفد الاعلامي المرافق ، ونُشر في صحيفة "الأهرام" المصرية التي انشأها ورعاها لبنانيون من آل الجميل وآل تقلا . 


وقد أدمن القوم عندنا الوصاية وباتوا اتباعاً بامتياز ، وحتى الخضوع والمهانة ... والأمثلة أكثر من أن تُحصى . 


إلّا أن هذا كلّه لا يجعلنا نقبل بوصاية جديدة حتى وإن كانت من قبل الأمبراطور الأميركي الجديد ، خصوصا لأنها على فجاجة ممجوجة . 


وإذا كان الأميركي صديقاً للبنان عن حق وحقيق ، وإذا كان يريد فعلاً ان يدعم العهد الجديد بقيادة العماد جوزاف عون الذي يبني اللبنانيون عليه آمالاً عراضاً ، فليكفّ عن هذا السلوك المقيت ، لأننا نلمس في إطلاق هكذا مواقف ، ومن قصر بعبدا تحديداً ، اساءةً موصوفة وربّما متعمّدة للعهد الجديد الذي نُدرك ، بوعي ومسؤولية ، أن الاساءة اليه ، ولو تحت ستار دعمه ، هي اساءة كبرى للبنان في هذه المرحلة بالغة الدقة والخطورة من تاريخه .

التعليقات (0)