- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
د. ناصر محمد معروف يكتب: الإحتلال ومغادرة الساحة، الصبر الصبر فما النصر إلا صبر ساعة
د. ناصر محمد معروف يكتب: الإحتلال ومغادرة الساحة، الصبر الصبر فما النصر إلا صبر ساعة
- 8 مارس 2023, 5:01:13 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إن من سنن الله في الكون أنْ جعل حياة الإنسان تبدأ بالنمو، جنيناً، فطفلاً، فشاباً، إلى الشيخوخة، ثمّ الهلاك، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]، وهكذا تكون المجتمعات، فقد قال رسول الله ﷺ: (حَقٌّ علَى اللَّهِ أنْ لا يَرْتَفِعَ شيءٌ مِنَ الدُّنْيا إلَّا وضَعَهُ) البخاري، والحديث يخبر بأن الله جعل من سننه الكونية أن لا يرتفع شيءٌ في الدنيا إلا ويضعه، فما بالنا إذا كان هذا الشيء باطلاً، قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا﴾، وهذا يتحقق مع كل دولة ظالمة، حيث جعل الله لها موعداً لإهلاكها.
إن ما نراه اليوم من ظلم لا يمكن أن تطيقه الشعوب ، وإن الشعب الفلسطيني مَرَّ بأكبر قضية ظلمٍ وتزوير في التاريخ، فالظلم، والجور، والتعسّف، والقهر والإكراه، صفات لاصقت شعب فلسطين لأكثر من قرن، فمن وعد بلفور، إلى السماح بهجرة اليهود إلى فلسطين، مروراً بجرائم التطهير العرقي التي حوّلت 70% من سكان فلسطين إلى لاجئين، ناهيك عن المجازر التي يرتكبها الصهاينة ضد شعبنا يوميا، ، إضافة إلى جرائم التمييز العنصري، حتى وصف المؤرّخون اليهود بأن فلسطين تُعَدُّ السجنُ الأكبر في التاريخ البشري، وهذا صحيح حيث إن أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة برًّا وبحرًا وجوًّا منذ عام 2006، مما زاد الفقر، والمرض، والاكتئاب، والكوارث.
إن الضفة لا زالت تعاني الحواجز التي بلغت أكثر من 642 حاجزًا عسكريًّا، وأصبح ملايين الفلسطينيين يُمْنَعون من التنقل بين غزة والضفة الغربية أو زيارة باقي أراضيهم المحتلة، بما في ذلك مدينة القدس المباركة.
ومع كِبَر معاناة الفلسطينيين، يَكْبُر معهم الأمل أيضاً، فإرهاصات زوال الإحتلال تزداد يوماً بعد يوم، فهذه الدولة الفتية لم تعد فتية، إنما أوهنتها الشيخوخة، فبعد أن كانت الدولة المتماسكة التي يحملها العالم وتكبر أمام عينيه يوما بعد يوم، أصبحت الدولة العجوز التي أرهقت شعبها، وأرهقت محتضنيها من دول العالم، فقد بات واضحاً أمام الأوروبيين بأن إسرائيل أصبحت عبئاً ثقيلاً عليهم، فالعديد من منظمات حقوق الإنسان العالمية وصلت إلى القناعة، بأن النظام الصهيوني هو نظام هيمنة متوحش وجرائمه ضد الإنسانية، حتى إن دولا أوروبية تنادي بحملات مقاطعة ضد الإحتلال.
إن انهيار دولة الإحتلال لم يتبق عليه إلا القليل، وإن حكومةً كحكومة المستوطنين العنصريين؛ لهي أكبر دليلٍ على سرعة انقضاء حكم هذا الكيان، وإن ما حدث ويحدث من انشقاقات، سواء كانت على مستوى الحكومة والوزراء، أم على مستوى الأحزاب والشعب، ليُعَدُّ أكبر مبشراً بأننا على أعتاب واقعٍ جديد، فمن كان يتوقع أن تلاحق زوجة نتنياهو وتحاصر في الكوافير، حتى تضطر دولة الإحتلال إلى إخراج عدد من الجيش تستخدمه الدول في حماية جبهة كاملة، فهل يُعْقَلُ أنْ تلتئم قلوب المحتلين ليصبحوا على قلب رجلٍ واحد، بالطبع من المستحيل، فإذا كان ذلك مستحيلاً في بداية دولتهم فهل يكون ممكنا في نهايتها؟.
سيفرح شعبنا قريباً، ولكنْ كما أن الله وعد أن يهلك الظالم وجعل له أجلاً لا ريب فيه، فإنه أيضاً جعل من السنن الكونية أن يتحرك المظلوم ليُزيل الظلم عن نفسه، فقد ولَّى عهد الطير الأبابيل، ونحن نعيش في زمن، ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11]، فاثبت شعبنا واصبر، فما النصر إلا صبر ساعة.