- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
سعيد البدري يكتب: وقف الحرب.. قرارات ومفاوضات أم تمنيات وألاعيب؟!
سعيد البدري يكتب: وقف الحرب.. قرارات ومفاوضات أم تمنيات وألاعيب؟!
- 1 نوفمبر 2024, 1:18:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من المؤكد أن الحديث عن المفاوضات ما يزال مبكرًا، وأن كل ما يتردد هو مجرد مناورات، أو تأسيسات تبدو في مراحلها الأولى. وما يفهم منها حتى الآن هو عدم الحسم، بسبب أن كل الأطراف المعنية بها في طور حساب ما سيتحقق له على جبهته الداخلية، وربما ترتيب روايته للنصر ومواءمة أي وقف للحرب مع ما يرغب بتسويقه وفقًا لمتبنياته، وقياس مدى انسجام قراره مع مزاج الشارع الذي يبحث عن تأييده لتفعيل خيار وقف العمليات.
حقيقة الأمر أن حزب الله متمسك بمتبنياته، وهو لن يقبل بأي حال بإخراجه من معادلة الوقوف مع الشعب الفلسطيني.
هذا التمسك بوحدة الساحات وعدم تشتيتها يفرضه حجم التضحيات التي بذلت، وهو يرى أن ذهابه باتجاه وقف الحرب مرتبط بكل ساحات المقاومة، خصوصًا الساحات الفلسطينية، ولو باتفاقات منفصلة متزامنة. والأصل أن يستمر خيار المقاومة وإيلام العدو لأنه الخيار المتاح، لإجباره على الاندحار والتسليم بواقع عدم قدرته على كسر حالة الصمود، وما يمثل ذلك من إقرار بالعجز.
إن ما يتردد عن وجود بند بنزع سلاح الحزب، فهذا الموضوع أكبر من القرار 1701، والأميركيون والصهاينة يدركون تمامًا أن ذلك غير ممكن. ومن يتحدثون عن الأمر ربما لا يعون جيدًا أن جزئية نزع سلاح الحزب لا تشمل كل جغرافيا جنوب لبنان، بل ترتبط بالأراضي والمناطق المشمولة بالقرار المذكور، والتي تُسمى بجنوب الخط الأزرق.
ولعل الصهاينة وحلفائهم قد سلموا وفهموا أخيرًا أن ذلك لن يكون كما يتمنون ويرغبون، وحتى مع وجود قوات دولية مع الجيش اللبناني، فذلك لن يمنع حاضنة المقاومة من العودة والتواجد جنوب هذا الخط، وسيمثلون عينًا راصدة موثوقة يخشاها نتنياهو، ويرى أن ما تمناه بجعل المنطقة خالية تمامًا من السكان قد ذهب أدراج الرياح.
بالعودة لوحدة الساحات، يبدو أن ما يقوله الرئيس ميقاتي لم يكن دقيقًا بالمرة حول تأخر حزب الله بفصل الساحات، وهو أمر لم يحدث ولم يتم نقاشه في قيادة الحزب.
كما أن بعض الأحاديث المسمومة عن تقديم الرئيس نبيه بري لتنازلات غير واقعية بالمطلق، كما أن محاولات بعض الأطراف التشكيك بنزاهته تم نسفها ونفيها جملة وتفصيلاً، عبر إعادة حزب الله التأكيد بأن الرئيس بري هو الشخصية التي تمثله في أي ترتيبات محتملة واتفاقات لإنهاء العدوان، وبما لا يتقاطع مع ثوابته، من كونه طرفًا لبنانيًا وهو معني بدعم الشعب الفلسطيني وإسناد جبهة غزة، وسيستمر كذلك ولا يمكن تحييده وعزله إلا بإنهاء العدوان على أهلنا فيها.
إذن، نحن أمام تحد قائم يشير لاستمرار حالة الحرب، مع هامش مباحثات حول ترتيبات محتملة لم تصل لمرحلة الاتفاق. ولعلها أحاديث لجس النبض وقياس ردود الأفعال بما يمكن أن يقبل، يفهم منها طرح سقوف عالية بلا مرونة تذكر.
ومع كل ذلك، تقوم بعض الأوساط المغرضة بتداول حديث للمبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين يشير إلى طلبه من الرئيس نبيه بري ضرورة تقديم تعهدات أو ضمانات من نوع ما، بعدم مساس حزب الله وحواضنه بجهات وشخصيات أظهرت التشفي، وأخرى متهمة بالتماهي مع العدو الإسرائيلي خلال عملياته الغادرة على لبنان وضاحية بيروت.
ربما هذا سببه نقل رسائل مغلوطة واتهامات لحزب الله بعدم تسامحه مع من قاموا بأدوار تجسسية ووشايات، وهو ما دفع الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم مؤخرًا لتأكيد الموقف من الجبهة الداخلية، وعدم القبول بسيناريوهات من يقولون بالحرب الأهلية، التي نعتقد أن مصدرها هؤلاء الخونة، بوصفها خيارًا للإفلات من عقاب أغلبية أبناء الشعب اللبناني المتضامن مع المقاومة، والرافض لنهج الخائنين، وأهدافها الضغط على جبهة حزب الله وترهيبه بهذه الطريقة الرخيصة.
في الخلاصة، يجب أن يوضع في الاعتبار أن الحديث عن التسويات يحتاج لأكثر من "حقن مخدرة" يزرقها نتنياهو للداخل الإسرائيلي المشكك بجديته.
ويجد طيف واسع منهم، خصوصًا بين النخب وصناع الرأي، أن وعود إنهاء الحرب وإعادة الأسرى قد تكون بعيدة لاعتبارات شخصية. كما أن حديثه عن ذلك بحماس يمثل تمثيليات خادعة يحاول من خلالها كسب ود الأميركيين، الساعين بدورهم لتحقيق مكاسب انتخابية عبر استمالة اللوبي الصهيوني.
وفي الإجابة عن ذلك نقول إن مثل هذه الألعاب والأحاديث لن تخدع المقاومة، التي تفهم المقاصد، ولن تسمح بمنح المجرمين نصراً سياسياً يمكنهم من تلافي هزيمة الميدان، فزمام المبادرة ما يزال بيد محور المقاومة، سيما مع امتلاكه ورقة الأسرى الضاغطة في غزة، وورقة عودة المستوطنين في شمال الأراضي المحتلة، فيما تمثل ورقة الرد الإيراني مرحلة متقدمة تنذر بالكثير من الإيلام بتأكيد الهزيمة العسكرية لحكومة الحرب الصهيونية العاجزة، والتي باتت تتآكل وتطفو خلافات أطرافها حد التهديد بإسقاط نتنياهو وحكومته.