عزة الأسعد تكتب: الطائفة العلوية بين مطرقة الصراع وسندان الانتقام في سورية

profile
عزة الأسعد كاتبة وإعلامية سورية
  • clock 12 مارس 2025, 7:03:00 م
  • eye 440
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
عزة الأسعد

مع اندلاع الأزمة السورية في 2011، وجدت الطائفة العلوية نفسها في قلب العاصفة، بين دعمها للنظام باعتباره الضامن لاستقرارها، وبين استهدافها من قبل مجموعات معارضة وبعض القوى الإقليمية، ما جعلها تدفع ثمنًا باهظًا .


منذ صعود حزب البعث إلى السلطة، شارك العلويون في مؤسسات الدولة والجيش، لكنهم لم يكونوا المكوّن الوحيد المسيطر. ومع ذلك، أدى اعتماد النظام على بعض الشخصيات العلوية في مواقع حساسة، خاصة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، إلى ربط الطائفة كلها بالنظام، حتى لو لم يكن جميع أفرادها جزءًا منه أو مستفيدين منه. هذه العلاقة المعقدة جعلت العلويين عرضة للانتقام الجماعي من قبل خصوم النظام بعد اندلاع الحرب.


تم استهداف القرى العلوية بالهجمات، وارتُكبت مجازر بحق المدنيين، كما حدث في ريف اللاذقية عام 2013 وفي حمص وحماة خلال سنوات الحرب. هذه الهجمات لم تكن بدافع عسكري فقط، بل كانت تحمل طابعًا انتقاميًا ضد الطائفة التي اعتُبرت مؤيدة للنظام.


كما تم الزج بأبناء الطائفة في الصفوف الأمامية للمعارك، مما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا العلويين في الحرب، وسط تجاهل واضح لمطالب العائلات العلوية بوقف استنزاف شبابهم. كما أن احتجاجاتهم على الفساد وسوء الأوضاع الاقتصادية قوبلت بالقمع، كما حدث في اللاذقية عام 2023.


بعد سقوط نظام الحكم ، كان الامل بحياة كريمة لكن ماذا حدث ؟ 


فقد تعرضت القرى والبلدات العلوية لموجة جديدة من العنف غير المسبوق. وفقًا لتقارير حقوقية، قُتل أكثر من 2000 مدني في عمليات انتقامية نفذتها مجموعات مسلحة تحت ذريعة “محاسبة” الطائفة على أفعال النظام السابق. هذه العمليات من إعدامات ميدانية بحق مدنيين لا علاقة لهم بالأحداث السياسية . حرق ونهب القرى في مناطق اللاذقية وطرطوس و تهجير قسري لآلاف العائلات العلوية التي فقدت منازلها.


لم يكن الضحايا فقط من الرجال، بل طالت المجازر النساء والأطفال، مما يعكس وحشية الانتقام الجماعي بحق طائفة بكاملها بسبب انتمائها الديني والسياسي المفترض.


رغم حجم المجازر التي تعرض لها العلويون، لم تلقَ هذه الأحداث تغطية واسعة في الإعلام الدولي مقارنة بمآسي أخرى في الحرب السورية. يعود ذلك إلى الصورة النمطية التي رسمها الإعلام الغربي عن العلويين كـ”طائفة النظام”، ما جعل التعاطف معهم أقل بكثير من الأقليات الأخرى. كما أن بعض القوى الإقليمية والدولية رأت في استهداف العلويين وسيلة للضغط على النظام السوري، دون مراعاة الجوانب الإنسانية لهذه المجازر . 


بعد أكثر من عقد من الحرب، وجدت الطائفة العلوية نفسها أمام واقع مأساوي حيث فقدت آلاف العائلات أبناءها بين القتلى والمفقودين. وأصبحت المناطق العلوية تعاني من الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق ،حيث باتت الطائفة تشعر بأنها محاصرة بين الانتقام من جهة، والاضطهاد من داخل النظام من جهة أخرى.
في ظل هذا الواقع، هل سيدفع العلويون الثمن الأكبر في أي تسوية سياسية مستقبلية؟ الأكيد أن استمرار استهدافهم لن يؤدي إلا إلى مزيد من الكوارث، وهو ما يتطلب حلاً سياسيًا عادلًا يضمن حقوق جميع مكونات المجتمع السوري و تضمن عدم تكرار هذه المآسي، وتعترف بمظالم جميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)