-
℃ 11 تركيا
-
15 أبريل 2025
ليزا روزفسكي تكتب: المحادثات في أذربيجان تؤشّر إلى أن وجهة إسرائيل هي نحو التسوية
إن المحادثات التقنية التي جرت أمس في أذربيجان، هدفها الأول منع أي اشتباك عسكري بين الدولتين
ليزا روزفسكي تكتب: المحادثات في أذربيجان تؤشّر إلى أن وجهة إسرائيل هي نحو التسوية
-
13 أبريل 2025, 5:24:21 م
-
496
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أذربيجان
هذا الأسبوع، تحدث الناطق بلسان وزارة الدفاع التركية بحدة ضد التحركات الإسرائيلية في سورية، حتى بعد الكشف عن المفاوضات في أذربيجان بين إسرائيل وتركيا، فقال: "إن إسرائيل تواصل هجماتها الاستفزازية التي تهدف إلى المسّ بسيادة سورية وسلامة أراضيها من خلال استخدام ذرائع لا أساس لها من الصحة". ومع ذلك، ظهر خلال كلامه أكثر تصالحاً، عندما قال إن تركيا تدعو "إسرائيل إلى التصرف وفقاً لمبادىء حُسن الجوار، والمساهمة في استقرار سورية وأمنها". جاءت هذه الدعوة إلى الحوار في موازاة التغيير الذي طرأ على الخطاب الإسرائيلي بشأن الوجود التركي في سورية.
في البداية، صدر بيان شديد اللهجة باسم "مصدر سياسي"، قال إن إسرائيل لن تقبل "أيّ تغيير في انتشار القوات الأجنبية في سورية، وخصوصاً إنشاء قواعد تركية في تدمر". بعد مرور ساعتين فقط، أصدر مكتب رئيس الحكومة بياناً يشكر فيه الرئيس الأذري إلهام علييف، وجاء فيه أن إسرائيل وتركيا "وافقتا على مواصلة مسار الحوار من أجل المحافظة على الاستقرار الأمني".
إن الهجوم الذي شنّته "حماس" في 7 أكتوبر، والحرب التي نشبت في أعقابه، أوقفا عملية تسوية العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وذلك بعد فترة طويلة من الجمود العميق في هذه العلاقات، والتي بدأت بعد أحداث أسطول مرمرة للمساعدات إلى غزة في سنة 2010 (كان يقلّ 750 ناشطاً من 36 دولة، والذي أوقفه الجيش الإسرائيلي بالقوة، الأمر الذي أدى إلى مقتل 10 مواطنين أتراك)، وكان رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان التقيا على هامش اجتماعات الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في نيويورك، قبل أسبوعين من نشوب حرب "السيوف الحديدية" [طوفان الأقصى]، واتفقا على الاجتماع قريباً. لكن أردوغان أيّد "حماس" في حربها ضد إسرائيل علناً، ولم يُعقد الاجتماع.
واستمر التدهور في العلاقات بين الدولتين. بعد عدة أسابيع على نشوب الحرب، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، آنذاك، إيلي كوهين استدعاء السفيرة الإسرائيلية من تركيا، والتي جرى إجلاؤها، خوفاً على أمنها. بعد وقت قصير، استُدعي السفير التركي في إسرائيل. ومع ذلك، فإن العلاقات الدبلوماسية لم تتوقف: فواصلت السفارة التركية في إسرائيل والقنصلية التركية في القدس الشرقية عملهما، كما استمرت إسرائيل في تقديم خدماتها القنصلية في تركيا، على الرغم من عدم وجود السفير أو القنصل العام في إستانبول.
هناك مجال آخر كان يتطلب تنسيقاً بين الدولتين، هو عملية إبعاد جزء من الأسرى الفلسطينيين الأمنيين، الذين حرّرتهم إسرائيل في إطار صفقة التبادل مع "حماس"، إلى تركيا. وفي الوقت الذي استمر التعاون بين الدولتين في محاربة "الإرهاب"، واصل أردوغان توجيه الاتهامات الحادة إلى إسرائيل بأنها ترتكب جرائم حرب في غزة وتشبيهها بألمانيا النازية، ومؤخراً، دعا بشكل علني إلى تدميرها.
مرات قليلة فقط، ردّ نتنياهو على تهجّمات أردوغان. فخلال العام الماضي، ردّ على هجوم علني من طرف الرئيس التركي، قائلاً إن أردوغان "يؤيد ’قتلة التنظيم الإرهابي في حماس’، وينكر المذبحة التي طالت الأرمن والأكراد في بلده، ويخفي معارضين للنظام وصحافيين". لكن عموماً، كان الرد على أردوغان يأتي من وزير الخارجية، في البداية، يسرائيل كاتس، ثم جدعون ساعر، ولا سيما عندما دعا أردوغان إلى القضاء على إسرئيل، فكان الرد أن "الرئيس التركي كشف عن وجهه المعادي للسامية".
بعد نشوب الحرب، أوقفت تركيا رحلاتها إلى إسرائيل، شأنها شأن العديد من الدول، بسبب إطلاق الصواريخ على مطار بن غوريون، ولم تستأنفها منذ ذلك الوقت. مع ذلك، فإن الرحلات المدنية الإسرائيلية الخاصة التي تعود، في معظمها، إلى رجال أعمال، استمرت في الذهاب إلى تركيا بصورة ثابتة. وفي الوقت عينه، استمر السياح الإسرائيليون في الذهاب إلى تركيا، على الرغم من عدم وجود رحلات مباشرة، لكن بأعداد أقل. تفاقمت الأزمة في العلاقات بعد رفض إسرائيل السماح لتركيا بإسقاط مساعدات إنسانية من الجو إلى قطاع غزة في آذار/مارس 2024. وفي مطلع أيار/مايو الماضي، أعلن أردوغان المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ووقف التجارة بين البلدين.
إن المحادثات التقنية التي جرت أمس في أذربيجان، هدفها الأول منع أي اشتباك عسكري بين الدولتين. ومن المعقول الافتراض أنه خلال المحادثات، أوضح كلّ طرف مصالحه وخطوطه الحمراء على خريطة سورية، وأن الطرفين حاولا صوغ خطة تمنع المواجهة، وتشكل آلية ثابتة لمنع وقوع احتكاكات بين الطرفين.
إسرائيل وتركيا لديهما مصالح مشتركة كثيرة في سورية، بينها إبعاد إيران عن المنطقة ومحاربة الإرهاب الجهادي. ومع ذلك، هناك مصالح متضاربة: تريد تركيا أن يكون حُكم أحمد الشرع في سورية مستقراً، والمحافظة على سيادة سورية ووحدة أراضيها، بينما إسرائيل ونتنياهو يعملان على منع ذلك.
في الأسبوع الماضي، تحدث تقرير لوكالة رويترز أن إسرائيل هاجمت في نهاية الشهر الماضي 3 قواعد جوية كانت تركيا تفكر في نشر قواتها فيها. وبحسب الوكالة، كان من المنتظر أن يزور وفد عسكري تركي قاعدتَي T4 وتدمر بعد ساعات قليلة من القصف في 25 آذار/ مارس، لكن الزيارة أُلغيت في أعقاب الهجمات.
عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلى جانب سقوط نظام الأسد، أجبرا إسرائيل وتركيا على اتخاذ خطوات حقيقية لتنسيق عملياتهما في سورية. وإعلان ترامب خلال لقائه نتنياهو أنه قادر على حلّ أيّ مشكلة لإسرائيل في سورية "ما دام نتنياهو منطقياً"، يبشّر بأن على إسرائيل التنازل عن مطالبها.
إن بيان رئاسة الحكومة بشأن اجتماع الوفد الإسرائيلي، برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، بالوفد التركي في أذربيجان، واللهجة التصالحية للبيان الذي لم يتردد أيضاً في ذِكر "الخطوط الحمراء"، لكنه شدد على "المصالح المشتركة لكلّ طرف في المنطقة"، هو مؤشر إلى أن توجُّه إسرائيل هو نحو التسوية.
المصدر: هآرتس









