هاني الكنيسي يكتب: مدد يا أهل "ميد" .. شرق أوسط جديد .. ومش مهم "سعيد أم غير سعيد"

profile
هاني الكنيسي صحفي وأستاذ الإعلام الجماهيري وصحافة التلفزيون
  • clock 13 أبريل 2025, 12:09:08 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
مؤتمر الحوار الأمريكي الشرق أوسطي 'ميد' MEAD الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي الأسبوع الماضي

لم أعثر في مصادر الإعلام العربي "الموثوق نسبيًا في صدقيتها" على ما يشبع فضولي "الصحفي" حول ما دار في كواليس مؤتمر الحوار الأمريكي الشرق أوسطي 'ميد' MEAD الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي الأسبوع الماضي، على مدي يومين (7-8 أبريل)، ونشر موقع الخارجية المصرية الرسمي خبرا عن مشاركة الوزير فيها . وكالمعتاد، لجأتُ إلى المصادر الأجنبية .. فلم أجد ما يقنعني أو ما يحمل جديدا مختلفا عما تداولته مواقع شبه رسمية وصحف إماراتية محلية بنبرة "دبلوماسية مدروسة". فما كان مني -وكم أشعر بالخجل لهذا- إلا أن استعين بالمصادر العبرية (المعتبرة) التي عادة ما تحمل تغطياتها لمثل تلك المناسبات ما يستحق المتابعة ويملأ بعض المربعات الفارغة في الأحجية، وربما أيضًا ما يفضح بعض العورات ويثير الوافر من التساؤلات.

والحقيقة أن أفضل المعلومات "من قلب الحدث"، وجدتها في تقرير موقع 'واللا' Walla (الاستخباراتي) -مع تفخيم وتشديد اللام كما تُنطق بالعبرية- الذي اعتمد  صيغة التساؤل (المثيرة للفضول) في كتابة العنوان الرئيس: "ماذا جرى في الاجتماع الأمني الخماسي بأبو ظبي لوزراء خارجية الشرق الأوسط؟"، وكذلك في عناوينه الفرعية:  "من صافح 'ساعر'؟"، و"من هو المسؤول الكبير الذي استمع إلى كلام 'يوآف غالانت'؟"، و"لماذا أثار رئيس شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية اهتمام الحضور؟"، و"ما رأي المشاركين الأجانب في قضية رهائن غزة؟"، و "لماذا تفاءل كبار الدبلوماسيين؟".

وفي المتن، يذكر التقرير أن منتدى MEAD، الذي ناقش "صياغة سياسة الشرق الأوسط الجديد"، بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية وغير عربية، تحدث على منصة جلساته الرئيسية خمسة وزراء خارجية حاليين - إسرائيل ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وأذربيجان، كما شارك في نقاشاته العلنية (وفي اجتماعاته المغلقة) مسؤولون حكوميون ورجال أعمال كبار من دول ليس لديها علاقات "رسمية معلنة" مع إسرائيل، مثل: قطر، الكويت، العراق، لبنان، سلطنة عمان، لسعودية، ماليزيا.

بينما غاب تمثيل رفيع المستوى من إدارة ترمب عن المؤتمر بسبب قرار اللحظة الأخيرة بعقد قمة مع النتنياهو في واشنطن. كما حضر وفد من 'أرض الصومال' Somali Land (الكيان المنشق عن الصومال على حدود إثيوبيا وجيبوتي) التي طُرح اسمها مؤخرًا كوجهة محتملة لسكان غزة  المرحّلين "طواعية". وقد صافح أحد أعضاء الوفد وزير الخارجية الإزرائيلي، وأعرب رفاقه عن أملهم في الحصول على منح دراسية للطلاب في الجامعات العبرية!! 
ومما يستحق التسجيل أيضا، أن رئيس دولة سابق تخوض إسرائيل حربًا ضدها خلال العام ونصف العام الأخيرين (يا ترى مين مين؟!!) كان جالسًا بين الجمهور يستمع إلى كلمات وزير الدفاع السابق 'يوآف غالانت' على المنصة، حين كان يثير مرارًا وتكرارًا أولوية تحرير الرهائن من قبضة حماس.

في الحوارات "الودية" بين منصة المنتدى وركن القهوة والكعك، ظهر الإعجاب بقوة الجيش الإسرائيلي الذي يقاتل على 7 جبهات في آن، وتحدث المدير التنفيذي للصناعات الجوية 'بوعز ليفي' عن التهديدات الباليستية التي تحيق بدول الشرق الأوسط. وهو المسؤول عن تطوير أنظمة "حيتس 2" و"حيتس 3"، ويعمل حاليًا على تطوير "حيتس 4"، وأنظمة صاروخية متطورة أخرى.

وفي أجواء المحادثات الجانبية المتحررة، سمعنا مواقف واضحة في معاداة إيران وأذرعها، لكن لمسنا أيضًا إحباطًا وقلقًا من أن واشنطن لا تشرك حلفاءها في كواليس المفاوضات مع الإيرانيين. كما فرضت الأزمة السورية على المناقشات، في محاولة المشاركين فهم من يحرك الخيوط من وراء الستار.

ويختم الموقع الصهيوني موضوعه عما جرى في ردهات مؤتمر MEAD، بخلاصة يقول فيها نصًا "بشكل عام، أوضحت المحادثات والمقابلات والحوارات الجانبية أكثر من أي شيء آخر أن الأصوات من وراء الكواليس تُسمع بشكل مختلف وأكثر واقعية، أصوات تتفادى الاحتكاك، وتسعى إلى السلام والاستقرار، ولديها أمل وتفاؤل بإمكانية إنجاز الأشياء بشكل مختلف، وبقابلية تشكيل الشرق الأوسط بطريقة أفضل. أجواء إيجابية تخلق شعورًا عامًا بضرورة الإسراع نحو الاتفاقية التالية، ، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين في المؤتمر".

ولم تختلف المواقع الصحفية العبرية الأخرى التي تناولت الموضوع عن المذكور في 'واللا'، لكن لفت انتباهي الملاحظات "الشخصية" التي نشرها، على منصة إكس، الصحافي الإسرائيلي المعروف 'أنشيل فيفير' Pfefer مراسل مجلة 'إيكنوميست' البريطانية في تل أبيب (وكبير مراسلي هاآرتس العبرية سابقا) من واقع ما شاهده وسمعه بنفسه أثناء حضوره فاعليات MEAD والتي يمكن تلخيصها في التالي:

1- "ما زلت أجد أنه من الصعب تصديق أن يرحّب الإماراتيون، ومعهم عدد كبير من مسؤولي دول عربية (بعضها ليس له علاقات دبلوماسية مع إسرائيل)، باستضافة هذا العدد الضخم من الإسرائيليين والأمريكيين المناصرين لإسرائيل للمشاركة في هذا المؤتمر، بينما الحرب مستمرة في غزة وأشلاء الفلسطينيين تتطاير يوميا !!"

2- "لا أظن أن السبب في ذلك أنهم 'ببساطة لا يبالون بالفلسطينيين' (وإن كان مدى اكتراثهم الحقيقي محل جدال). أعتقد أن الإماراتيين وغيرهم الكثير من ممثلي الطبقة الحاكمة في العالم العربي قد اتخذوا خيارا استراتيجيا طويل المدى بالتطبيع مع إسرائيل".

3- "لاحظت أيضا أن الأمريكيين الذين شاركوا في المنتدى، كانوا يمثّلون أطيافا متنوعة من الإدارتين السابقة (أي من الديمقراطيين) والحالية (أي الجمهوريين)، ومن المدهش حقا أن تكتشف كم أن الفرق بين الفريقين في مقاربة سياسات الشرق الأوسط (خصوصا ما يتعلق بإسرائيل) يكاد لا يُرى بالغين المجردة!!".

4- "لمست بوضوح التوافق بين المشاركين على حقيقة أنه طالما بقي النتنياهو في السلطة، فلن تحدث انفراجة حقيقية في مسار تفعيل الاتفاقات الإبراهيمية. وقد استنتجت من النقاشات الجانبية، أنه ثمة قناعة لدى الجميع بإمكانية خلق شرق أوسط جديد، لكن ليس في وجود الحكومة الإزرائيلية الحالية".

التعليقات (0)