- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
أ. عبد المجيد عفانة يكتب: حقيقة إستخدام سلاح الجو في مواجهة أبطال جنين.. إنهزام لا انتصار
أ. عبد المجيد عفانة يكتب: حقيقة إستخدام سلاح الجو في مواجهة أبطال جنين.. إنهزام لا انتصار
- 22 يونيو 2023, 11:39:48 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ما إن بدأت الأخبار تتوارد مساء ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من يونيو عن إطلاق نار يستهدف حاجز الجلمة الذي كثيرا ما كانت المقاومة الباسلة من أبطال جنين تستهدفه بصليات الرصاص في كثير من الليال، لحظات وسمع دوي إنفجار ضخم هزَّ أرجاء المخيم الذي لم تزل رائحة الدم والدمار تفوح منه جراء العملية الأخيرة التي شهدتها أزقة مخيم جنين والتي صفعت فيها مقاومة المخيم الباسلة وجوه المحتل ضربة لم تكن في حساباته ولا مخيلته، دقائق وتوالت الأخبار تباعاً تزف كوكبة من الشهداء بعدما صرحت قوات الإحتلال أنها استهدفت مجموعة مسلحة كانت قد هاجمت حاجز الجلمة، الأمر يبدو عاديا كما كل مرة تحاول فيها إسرائيل الخروج بإنجاز عسكري أمام جمهورها، لكن الحدث هذه المرة لم يكن عاديا، فالسلاح المستخدم هو طيران الإستطلاع المذخر والهجومي من نوع( هيرمز٤٥٠) والذي تستخدمه إسرائيل في مواجهتها العسكرية مع قطاع غزة ومناطق أخرى ، معادلة جديدة وضعتها المؤسسة الأمنية لترسم قاعدة اشتباك جديد في استخدام سلاح الجو بدل من القوات الخاصة والمؤللة والمدججة التي لطالما صالت وجالت في جنين وكل مدن الضفة، إلا تلك الجولة الأخيرة التي مرمطت فيها المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين عربات العدو المصفحة فخرجت بعد ثماني ساعات وبمساندة كل أنواع الطيران والوحدات القتالية المتقدمة وبالكاد خرجت بسبعة جرحى تجرهم بأذيال الخيبة والهزيمة، فعادت هذه المرة المؤسسة الأمنية تتغنى بتغيير سياستها وإستخدام أساليب جديدة في التعامل مع المقاومة، ولم تكن تلك الأساليب سوى إعلان هزيمة جديدة وإظهار لحالة الضعف التي تفشت في صفوف جنودها الذين بدأوا يرون الموت في زقاق مخيمات الضفة وتحديداً مخيم جنين..
أيام ثقيلة سبقت إستخدام هذا السلاح الجديد، فبعد عملية جنين الأخيرة جاءت عملية الشهيدين البطلين مهند شحادة وخالد صباح والذين قتلوا فيها خمسة صهاينة في عملية نوعية فريدة جعلت نتنياهو يتوعد برد مزلزل كل من يقف وراء تلك العمليات حسب زعمه.. ولهذا كانت المؤسسة الأمنية قد بدأت بتصريحات توحي بأنها ستبدأ عمليات عسكرية جديدة كما كل مرة تخرج وتهدد فيها بالرد، وما ظهر من هذا الرد كان سلاح الجو الذي بدأت إسرائيل باستخدامه مع مقاومة الضفة
أما أسباب ودواعي إستخدام سلاح الجو فهي واضحة جلية تنحصر في الآتي:
أولا: هو إعلان هزيمة القوات الهجومية المقاتلة بكافة تشكيلاتها أمام مجموعات المقاومة في جنين وإعتبار أن المواجهة كما العهد السابق هو أخطر مما تتخيله عقولهم، ولذلك سيطر الخوف عليهم وباتوا يتجهون لسلاح الجو الذي سيساندهم في كافة هجماتهم القتالية من اليوم وصاعدا.
ثانيا: التعامل مع جنين على أنها بقعة من غزة في مقاومتها وصمودها وأن حقل الألغام فيها بات يشكل هاجسا قويا ورعبا أمام مقاتليهم الجبناء المدججين بكافة أنواع الأسلحة والمختبئين داخل ثكناتهم العسكرية المتحركة.
ثالثا: لم تعد حكومة نتنياهو تحتمل خسائر في الأرواح بعدما بلغ عدد القتلي في النصف الأول لهذا العام أكثر من ٢٨ قتيل حسب اعترافاتهم، ولذلك لم تعد مؤسستهم العسكرية تطيق حمل أرقام جديدة من القتلى تزيد من أصوات المعارضة قوة ضدهم.
رابعا: أثبتت جميع العمليات العسكرية في أماكن تواجد المقاومة ومع دخول سلاح الجو لخط المواجهة، أثبت حقيقة أن سلطة أوسلو التي جاءت لإكمال دور الإحتلال في محاصرة ومحاربة الأعمال المقاومة للمحتل بكافة أشكالها أثبت أنها باتت تفشل كل يوم أكثر فأكثر في مهمتها لتأمين العدو ومحاربة المقاومة ورجالاتها.
خامسا: إستخدام قوات الإحتلال لسلاح الطيران في مهاجمته للمقاومة في جنين معناه إعلان حالة الفلس الأمني وفشل جميع خططه السابقة في قتل كل من يطلق النار أو إخماد الحالة الثورية المتصاعدة لدى الشباب الثائر في كل محافظات الضفة، وهو كذلك يعتبر انتصار للمقاومة لا هزيمة وإتساع لا إنحسار وقوة لا ضعف بها، حينما ينتقل عدوها للقتال معها بأساليب جديدة بعيدة عن الطرق الإعتيادية عبر سلاح المشاة..
ختاماً
المعركة التي تشتعل في مخيمات ومدن الضفة ما بين الدفاع والهجوم هي حالة ثورية عجيبة لأجيال متتابعة خاصة في جنين، تستأصل بالقتل والمطاردة والأسر فيخرج من كل جذر ينتزع من أرضه جذور أكثر ثباتا ومقاومة، معركة حقيقية بأقل الإمكانات العسكرية جعلت قادة المحتل يقفون عاجزين أمام إنحسار الخيارات أمامهم، فالرهان الذي خاضوه بمعية سلطة التنسيق قد خسر والبركان زاد لهيبه والحسابات خرجت عن سيطرتهم، وإن قادم الأيام ستشهد على أن الضفة بمقاومتها تزداد عنفواناً وقوةً ووعياً وصموداً أمام المحتل وأذنابه…