الداعية خالد سعد يكتب: سوريا بين الماضي والحاضر: واقع الهدم ومعركة البناء

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 5 يناير 2025, 7:32:40 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا شك أن بناء الدول وإعادة إعمارها بعد الخراب والتدمير يعدّ من أصعب المهام التي قد تواجه أي قائد أو إدارة جديدة. الحديث عن السيد أحمد الشرع (أو أي قيادة جديدة في سوريا) يُحيلنا إلى قراءة شاملة لواقع سوريا عند استلامها بعد سنوات من الحرب والدمارفالحرب دمرت الطرق والمدارس والمستشفيات، وهو من صور الإفساد التي حذرنا منها الإسلام، قال الله تعالى: "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" فالوضع لم يكن سهلاً، والمهمة تبدو صعبة وشاقة ولكنها ليست مستحيلة.

 

ما الذي استلمه السيد أحمد الشرع؟
انهيار البنية التحتية:
سوريا كانت تعاني من تدمير شبه كامل للبنية التحتية. الطرق، الجسور، المدارس، المستشفيات، وكل ما يمثل عمودًا فقريًا لأي دولة حديثة، كان قد نال منه الدمار بفعل الحرب.

أزمة وقود وكهرباء وغاز:
موارد الطاقة الأساسية التي تمثل عصب الحياة اليومية كانت شبه منعدمة. المواطن كان يواجه انقطاعًا طويلًا في الكهرباء ونقصًا حادًا في الوقود والغاز، مما زاد من معاناة الشعب وجعل الحياة اليومية معركة للبقاء.

اقتصاد منهار:
الاقتصاد السوري كان مفلسًا نتيجة الحصار والعقوبات الدولية، بجانب الفساد المتراكم على مدى عقود.

غياب الأمن:
الفوضى التي خلّفتها الحرب جعلت من الأمن مطلبًا بعيد المنال، في ظل انتشار الجماعات المسلحة والشبيحة، مما زاد من تعقيد المشهد.

إرث نظام بعثي فاشي:
أكثر من خمسين عامًا من الحكم القمعي الذي دمّر الهوية الإسلامية للشعب السوري، وقضى على خيرات البلاد، وترسّخ فيها الفساد والاستبداد.

التحديات أمام القيادة الجديدة
الواقع الذي وُرث ليس مجرد أزمة اقتصادية أو سياسية؛ بل هو انهيار شامل لمؤسسات الدولة، وتدمير للهوية الوطنية، مما يجعل إعادة البناء تتطلب وقتًا وجهودًا جبارة وصبرًا شعبيًا.

الهدم أسرع من البناء

إن عملية هدم دولة أو تدميرها لا تحتاج إلى سنوات طويلة، بينما بناء الدولة قد يستغرق عقودًا. وهذا الأمر يُحتم على الشعب أن يدرك أن التغيير الجذري لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى استراتيجيات طويلة الأمد وإصلاح تدريجي.

رسالة إلى الشعب السوري: الصبر والتكاتف

إن تحقيق النهضة في سوريا لا يمكن أن يكون مهمة القيادة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تحتاج إلى تكاتف الشعب مع القيادة، ودعمهم في مواجهة التحديات. الصبر هو مفتاح المرحلة، خاصة أن البناء يتطلب مواجهة ضغوط داخلية وخارجية هائلة.

من الدمار إلى البناء: خطوات لتحقيق النهضة

1. ترسيخ الأمن:
لا يمكن لأي دولة أن تنهض دون أن توفر الأمان لمواطنيها. وهذا يتطلب مواجهة الجماعات المسلحة والمفسدين بيد من حديد.

2. إعادة بناء البنية التحتية:
التركيز على توفير الخدمات الأساسية كالكهرباء، والمياه، والغاز، وإعادة إعمار ما دمّرته الحرب.

3. تحقيق العدالة ومكافحة الفساد:
إعادة الثقة بين الشعب والدولة يتطلب محاربة الفساد وتعزيز الشفافية والمحاسبة.
4. النهوض بالاقتصاد:
توجيه الجهود نحو إعادة تدوير عجلة الإنتاج الوطني، ودعم الزراعة والصناعة، وجذب الاستثمارات، مع تقليل الاعتماد على الدعم الخارجي.

5. استعادة الهوية الإسلامية:
إصلاح الهوية الثقافية والدينية لسوريا بعد عقود من التشويه والاستبداد، وترسيخ القيم الإسلامية الوسطيّة.

خاتمة
إن إعادة بناء سوريا ليست مهمة يوم أو عام أو حتى أربعة أعوام. إنها رحلة طويلة تحتاج إلى صبر وتفاؤل وإيمان بأن النصر قادم. السيد أحمد الشرع (أو أي قيادة جديدة) قد استلم حطام دولة، لكن بالإرادة والعمل الجماعي يمكن تحويل هذا الحطام إلى دولة مزدهرة تكون نموذجًا يُحتذى به.

فلنتكاتف جميعًا، ولنتحلى بالصبر، ولنكن عونًا لكل من يسعى لإصلاح البلاد وبناء مستقبل أفضل نسأل الله أن يوفق أهل سوريا إلى ما فيه خيرى الدنيا والآخرة واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التعليقات (0)